الاقتصاد الصيني.. عودة تدريجية نحو الاستقرار والنمو

 

 

تشو شيوان

عاد الاقتصاد الصيني ليجذب اهتمام العالم مجددًا خلال عطلة العيد الوطني؛ حيث أظهرت البيانات أن السوق الاستهلاكية شهدت انتعاشًا ملحوظًا خلال هذه الفترة، وفقد ارتفع عدد السياح وزادت عائدات السياحة في العديد من المناطق إلى مستويات قياسية، كما تجاوزت إيرادات شباك التذاكر السينمائي 2.1 مليار يوان صيني. واعتبرت وسائل إعلام أجنبية أن هذا الانتعاش في سوق السياحة الثقافية وغيرها من القطاعات يعد دليلًا على الحيوية الحقيقية للاقتصاد الصيني.

وتُعد السوق الاستهلاكية الصينية واحدة من أكبر الأسواق في العالم، ولها دور أساسي في دفع عجلة النمو الاقتصادي خلال السنوات الماضية. وقد شهدت تطورًا كبيرًا خلال العقود الأخيرة بفضل النمو الاقتصادي السريع، وارتفاع الدخل الشخصي، والتحولات السكانية، بالإضافة إلى نمو الطبقة الوسطى. وبشكل عام، تشكل السوق الاستهلاكية الصينية فرصًا هائلة للشركات المحلية والعالمية.

في الوقت ذاته، أكدت الصين ثقتها في قدرتها على الحفاظ على نمو اقتصادي مستقر وصحي، وتحقيق هدفها السنوي لنمو الاقتصاد بنحو 5%. فالحفاظ على نمو اقتصادي مستدام يُعد هدفًا رئيسيًا تسعى إليه الدول لضمان الاستقرار الاقتصادي والرفاهية طويلة الأمد. يتطلب هذا تحقيق توازن بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وقد شرحت الصين يوم الثلاثاء خطوات تنفيذ مجموعة من السياسات التي تغطي التمويل، الاستهلاك، الاستثمار، العقارات، وسوق الأوراق المالية، مما يعزز الثقة لدى الأطراف المعنية ويدعم التنمية الإيجابية للاقتصاد.

انفتاح الصين على التجارة الدولية يسهم في تعزيز النمو عبر توسيع الأسواق وزيادة التنافسية. ويسهم تسهيل التجارة الدولية وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا والمعرفة، مما يدفع عجلة النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تشجيع ريادة الأعمال ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة يوفر فرص عمل ويساهم في الابتكار والتنمية الاقتصادية. كما أن توفير بيئة ملائمة من حيث القوانين والتسهيلات التمويلية يلعب دورًا حاسمًا في دعم هذا القطاع.

الإشارات الإيجابية الصادرة عن السوق الصينية تؤكد أن الأسس الاقتصادية للبلاد لم تتغير، وأن العوامل المواتية مثل السوق الكبيرة، والمرونة الاقتصادية، والإمكانات الهائلة لا تزال مستقرة. وباعتبار الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن استمرار نموها الاقتصادي يُعد خبرًا سارًا للعالم، خاصة في ظل التعقيدات الجيوسياسية وتباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي. ووفقًا لأحدث توقعات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% هذا العام، وهو أقل من العام السابق. وعلى هذا الأساس، أظهر الاقتصاد الصيني مؤخرًا اتجاهًا إيجابيًا نحو "الاستقرار" و"التقدم"، مما يضفي زخمًا وأملًا للنمو الاقتصادي العالمي.

ومن العوامل الرئيسية التي تدعم الاقتصاد الصيني في هذا المسار الإيجابي هو التركيز على الابتكار والتكنولوجيا. فقد استثمرت الصين بشكل مكثف في تعزيز قدراتها الرقمية والتكنولوجية، ما يضعها في مقدمة الدول التي تقود الثورة الصناعية الرابعة. كما يشكل الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية والبنية التحتية الرقمية جزءًا حيويًا من هذا التوجه. هذه التحولات ليست فقط تعزيزًا للاقتصاد الداخلي؛ بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للتعاون الدولي والاندماج في سلاسل التوريد العالمية.

وباعتبار الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن استمرار نموها الاقتصادي يُعد خبرًا سارًا للعالم. وفي ظل توقعات صندوق النقد الدولي بأن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% هذا العام، أي أقل من العام السابق، يأتي الاقتصاد الصيني ليضفي زخمًا وأملًا للنمو العالمي. هذا النمو لا يصب فقط في مصلحة الصين، بل يساهم في استقرار الاقتصاد الدولي وتخفيف حدة الأزمات الاقتصادية العالمية.

وبناءً على ذلك، يمكن القول إن الصين واثقة تمامًا في قدرتها على تحقيق أهدافها التنموية والاجتماعية لهذا العام، والحفاظ على تنمية اقتصادية مستدامة ومستقرة. وهذا لا يصب في مصلحة الشعب الصيني وحده، بل يسهم أيضًا في استقرار الاقتصاد العالمي.

ومن خلال هذا التحول التدريجي نحو الاستقرار والنمو، تضع الصين نفسها في موقع قيادي على الساحة الاقتصادية العالمية. وبالنظر إلى السياسات الاقتصادية الطموحة والإصلاحات المستمرة، فإن الصين تمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق تنمية مستدامة. إن ثقة الصين في تحقيق أهدافها التنموية لهذا العام ليست مجرد تطلع داخلي، بل تعزز أيضًا مكانتها كقوة اقتصادية عالمية، تسهم في استقرار الاقتصاد العالمي وترسيخ أسس التعاون الدولي.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية