خريف ظفار.. بين الواقع والمأمول

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

أضحت مُحافظة ظفار قِبلةً سياحيةً بامتياز خلال أشهر الصيف الممتدة من شهر يونيو إلى أغسطس من كل عام، وهذا الموسم يُعرف محليًا بالخريف حيث تكتسي المُحافظة خلال هذه الفترة حلة بهية خضراء تسرّ الناظرين بجبالها وسهولها ووديانها، وبالتالي حجزت ظفار موقعًا مهمًا في خارطة السياحة المحليّة والإقليميّة.

ومع ارتفاع درجات الحرارة في مختلف ربوع عُمان- كما هو الحال في باقي أجزاء شبه الجزيرة العربية- تحرص كثير من الأسر العُمانية والخليجية على شد الرحال إلى محافظة ظفار للاستمتاع بأجوائها الاستثنائية المعتدلة، وقضاء أوقات ماتعة في أماكنها الجميلة.

وشخصيًا بين فترة وأخرى، أحرص على زيارتها بصحبة الأسرة كلما سنحت الظروف لذلك، وخلال هذا الموسم كانت صلالة هي وجهتي، وبعد اتخاذ الترتيبات اللازمة قبل فترة كافية من حجز تذاكر الطيران، ومكان الإقامة المُناسب، وشحن السيارة من مسقط حطت قدماي مطار صلالة بنهاية شهر يوليو المنصرم. وكما يُقال "من رأى ليس كمن سمع"؛ فقد شهدت المحافظة خلال هذا العام نقلة في توفر الخدمات الترفيهية، وأماكن الإيواء، وتنوع المقاصد السياحية المزودة بالخدمات الضرورية وهذا أمر محمود يُشكر القائمون عليه مع أهمية مواصلة العمل لاستكمال جميع البنى الأساسية، وتطوير المناطق السياحية لنهوض صناعة سياحية مستدامة في ظفار منافسة إقليميًا على أقل تقدير.

من وجهة نظري وبعد رصد جميع الملاحظات بشأن موسم الخريف، ينبغي مباشرة العمل مع بداية شهر سبتمبر بخطة عمل مدروسة بحيث تنتهي جميع الأعمال المقررة مع بداية الموسم القادم وهكذا دواليك. ومن الأهمية بمكان مد فترة الموسم إلى ثلاثة أشهر، وزحزحة بداية العام الدراسي قليلًا ضمانًا لنجاح موسم السياحة في المحافظة، وحتى لا يتكدس السياح خلال فترة محددة وبالتالي الطلب العالي على مكان السكن، والزحمة الشديدة في الشوارع.

كما يُمكن العمل على توسعة الشوارع الحالية، وتهيئة المداخل والمخارج، وعمل الجسور في الأماكن الحيوية لامتصاص الأعداد المتزايدة من المركبات، وتسهيل انسيابية الحركة المرورية الكثيفة. وكم هو جميل لو يتم تصميم - بأشكال عصرية جذابة - أماكن مهيئة لبيع المأكولات المحلية خاصة عند مداخل الأماكن السياحية الطبيعية. وربما من الأشياء المزعجة للسائح انتشار البعوض في بعض الأماكن لا سيما عند العيون التي تحتاج إلى مزيد من العناية لمكافحة هذه الحشرات.

ومن الملفت زيادة حركة الطيران الداخلية من مسقط إلى صلالة والعكس بسبب تثبيت الأسعار للعُمانيين إلى الحد المعقول مُقارنة بالأسعار السابقة؛ سواء كان على الطيران العُماني أو طيران السلام. ونتمنى استمرار الجهود في هذا الإطار، وتخفيض الأسعار للرحلات الداخلية طوال العام ولجميع الوجهات مُراعاة للمواطنين، وتشجيعًا للحركة الداخلية المستمرة بين محافظة وأخرى.

إجمالًا.. لا شكّ أنَّ السائح يحتاج إلى حزمة سياحية متكاملة مع أهمية جذب الاستثمارات والتركيز على المشاريع السياحية النوعية ذات الطابع الترفيهي، وضرورة تمكين العُماني الجاد للاستفادة من هذا الموسم. كما إنّ محافظة ظفار بها تنوع بيئي وجيولوجي عجيب يُمكن من خلال صناعة سياحة دائمة طوال العام وليس في موسم الخريف فقط.