د. سليمان المحذوري
بات من الطبيعي أن تسعى كل أمة للحفاظ على تراثها وموروثها وصيانته وإبرازه محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا. تُشير معاجم اللغة العربية إلى أنَّ التراث هو ما ورثناه عن الأجداد، واستنادًا إلى مقال د.عبدالحميد الكفافى -المنشور في صفحة المدرسة المصرية الوطنية للحفاظ على الآثار- فإنّ التراث بمفهومه البسيط هو نتاج الحضارات السابقة، وما تركه الأوائل من تجارب في مختلف ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب أو الأديان، إضافة إلى الأبنية والقلاع والفنون و...يرها. كما يُعتبر التراث مرادفًا للثقافة؛ أي أنَّه جزء مهم من ثقافة الشعوب وليس منفصلًا عنه.
والسلطنة أدركتْ مُبكرا أهمية الحفاظ على التراث والموروث العماني وتوثيقه تمثّل ذلك في إنشاء وزارة للتراث القومي عام 1976م كجهة مختصة للعناية بمفردات التراث العُماني وصيانته. كما أنّ هنالك عدة جهات أخرى لها علاقة بهذا الجانب؛ وبالتالي من وجهة نظري تشتت الجهود الرامية لتحقيق ذات الهدف؛ لذا فإنني أرى أهمية العمل بشكل ممنهج ومدروس من خلال تشكيل مجلس كمرجعية عامة يختص بالمحافظة على التراث والتاريخ العُماني وإبرازه من جهة، واستثماره بما يخدم أهداف التنمية المستدامة للسلطنة من جهة أخرى. يتكون هذا المجلس من وزارة التراث والثقافة، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الإعلام، وجامعة السلطان قابوس، ومجلس البحث العلمي الذي يتبنى البرنامج الإستراتيجي للتراث الثقافي العُماني، والهيئة العامة للصناعات الحرفية، والهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، والمتحف الوطني.
وبالنظر لتراثنا -بشقيه المادي وغير المادي- نجد أنَّ عُمان غنية بمفرداتها الحضارية؛ استنادًا لعراقتها التأريخية من شخصيات تاريخية، وأبنية وقلاع وحصون، وحارات قديمة، ومدافن أثرية، ومخطوطات، ووثائق، وفنون وما إلى ذلك؛ مما يتطلب تضافر الجهود من أجل الخروج بنتائج ملموسة وفي أوقات قياسية، وذلك من خلال إعداد الفريق المُقترح لخطة استراتيجية وطنية تنبثق منها خطط تنفيذية بأهداف معلومة التحقق: متى؟ وكيف؟ والجهة المسؤولة عن التنفيذ؟
كما أنَّه من المعلوم أنّ السلطنة تشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة في عدة مفردات تراثية متداخلة بحكم أنّ الدولتين كانتا في إقليم تاريخي وجغرافي واحد قبل ترسيم الحدود الحالية، وعليه بات من الضروري خلق تفاهمات مشتركة بين الدولتين الجارتين حول التراث المشترك من خلال اتفاقيات تنظم وتؤطر العمل بين الجانبين.