"أياكس" .. مشروع يواجه المال

 

حسين بن علي الغافري

يعيش نادي أياكس الهولندي أفضل مراحله التاريخية خلال آخر عقدين من الزمن بقيادة مدربه إريك تين هاج، وإذا ما استحضرنا التاريخ العريق للنادي الهولندي فنحن بحاجة إلى وقفة مع الذكريات والصولات الذهبية التي صنعتها الكتيبة الهولندية وأسسها الراحل يوهان كرويف.. نستذكر "الكرة الشاملة" التي هيمنت على القارة العجوز وانتجت مدرسة كروية شاهدة على نجاحات كبرى. أياكس كان نموذجا حقيقيا لكرة الطواحين الممتعة والجاذبة. الكرة التي تعتمد على الجماعية والهدوء وتناقل الكرة ببساطة تكتيكية سهلة في شكلها وصعبة في تطبيقها. أياكس الذي صال وجال وحقق المجد الكبير أوروبياً وفرض نفسه كأحد الأرقام الصعبة في عالم الجلد المدور.

ما يعيشه أياكس هذه الأيام أشبه بالأمس البعيد، الفريق جذب الأضواء إليه ليس فقط من خلال وصوله إلى دور ثمن النهائي لبطولة أبطال أوروبا فحسب، ولكن بما يقدمه لنا من لاعبين من طراز عالٍ بقدرات استثنائية. فمن يقصي ريال مدريد على أرضية البرنابيو برباعية في بطولة كأبطال أوروبا مؤكد أنّه قد أثبت نفسه للعالم بما يملكه وما يقدمه. أسماء أمثال دي يونغ ودي ليخت والحارس أونانا وكريستنسن وحكيم زياش وغيرهم من الكتيبة الهولندية الرائعة. وبغض النظر عن استمراره إلى نصف النهائي أو خروجه على أرضية تورينو أمام يوفنتوس فإنّ الأمر كله يدفعنا إلى أن هؤلاء الخامات التي يملكها الفريق سيكون لها شأن وقادرة على أن تذهب بعيداً في المستقبل ونحن على أعتاب نهاية حقبة البرتغالي كريستيانو رونالدو ومنافسه الدائم الأرجنتيني ليونيل ميسي، هؤلاء ومع مرور السنين على موعد من معانقة المجد وتقديم شهادة النجومية بدون شك ولكن مع الأسف فمع تعاطف العالم أوسع مع أياكس إلا أن بوادر تفكك المجموعة بدأت، فمثل هذه المواهب ما تلبث موسما أو موسمين إلا وتظفر بها أسماك القرش الكبيرة في العالم. فدي يونغ على سبيل المثال قد وقع على عقد مع برشلونة الإسباني بموجب انتقال من العام المُقبل، دي ليخت يسير على نفس الطريق والملايين ليس عائقاً أمام كبار القارة العجوز وقس على ذلك كافة النجوم بالفريق بدءا من الحارس. مثل هذه المشاريع التي تكونت وصنعت وظهرت للعالم فإن استمرارها والمحافظة عليها لا تبدو واردة إطلاقاً، فأياكس بحاجة إلى الأموال وهؤلاء النجوم بحاجة إلى تنافسية عالية ومن يطرق بابهم لا يعود خائباً، ولعل مشروع الفريق الحالي يذكرنا بأندية ما لبثت في عنفوانها أكثر من موسم ومن ثم عادت إلى مواقعها الطبيعية، ولنا في "ليستر سيتي الإنجليزي" نموذج حي لكتيبة مميزة حققت المجد ولفتت العالم ومن ثم تصارع على نجومها كبار القارة.. ولا ننسى نادي موناكو الذي قدم أسماء كبيرة وحققت البطولة الفرنسية وهجره نجومه.. كذلك لايبزع الألماني كذلك في العامين الماضيين وصعوده الدرجة الثانية إلى الأولى ويحقق وصافة ترتيب البوندسليغا. فهل من الجيد أن نرى تفكك مثل هذه المشاريع وهي في بدايتها ولا يكون هناك آلية تمنع الهجرة السريعة لهذه النجوم، هل استمرار ذات الأندية الكبيرة في أوج قوتها أمر صحي وسليم، أم نحن بحاجة إلى تحصين هذه المشاريع وحمايتها؟