15 سنة من الوعود

وليد الخفيف

بعدما انفضَّ السامر، وطارت الطيور بأرزاقها، هل من تقييم للمرحلة من قبل اتحاد كرة القدم، أم سيمرُّ الأمر مرورَ الكرام كالعادة؟ فمع أول مشاركة آسيوية لمنتخبا الوطني في العام 2004 والوعود برَّاقة والشعارات رنَّانة، أما العمل فلم يُرضِ الطموحَ ولم يفِ بالتطلعات.. عمل لا يعكس حجم اهتمام الدولة المتنامِي بهذا الملف الزاخر بشبابه الواعد، ولا بالمواهب التي تنجبها أرضة الخصبة يوما بعد يوم.. فقالوا عام 2004 إنَّها المشاركة الأولى، وأنَّ الهدف موجَّه نحو بناء فريق للمستقبل.

وبعد مرور خمس عشرة عاما ما زالت الأسطوانة نفسها مُتدَاولة بنغمات متعددة.. فتارة تنزل بلحن ضعف الإمكانات، وتارة أخرى تستخدم سيمفونية الواقع الرياضي الصعب. اما في تلك النسخة، فتحمَّل أوزارها ضعف الدوري وفقر الأندية. فعجبًا إذا تحدث اتحاد الكرة عن ضعف المسابقة التي يديرها؛ فهل تستنجد مثلا بالجمهور لإدارتها؟!!!!

مرَّت السنون، ونحن ندُور في نفس الفلك دون جديد، فالزمن يتغير من حولنا؛ فهذا منتخب يتطور، وهذا يتنامى، وهذا في الطريق الصحيح، أما نحن فمتمسكون بكلمة "محلك سر"، التي تعكس فقرَ الرُّؤية الكروية، وتردِّي مستوى التخطيط، وعدم القدرة على إدارة الأموال بشكل صحيح. فعفوًا لمن أعزى السبب للضعف المادي؛ فعليك أن تنظُر حولك عن تنامي الدَّعم الحكومي المالي من عام لآخر، وعليك أن تنظر يمينًا ويسارًا بعيون باصِرة عن مشرعات البنية الأساسية التي تُنفَّذ عامًا تلو عام، عليك أن تعترف بأنَّ المشكلة التي تعيق تطوُّر كرة القدم هو الفكر الإداري التقليدي الذي لا يزال يعتبر كرة القدم مادة مستهلكة تعتمد في كل جوانبها على الدعم الحكومي.

كُرة القدم أضحتْ وسيلة للدخل القومي في عدة دول، إذا ما أَحْسَن القائمون على شؤونها إدارتها، لكن هذا الدواء لا يخرج من صيدليتكم؛ فملف كرة القدم الذي يعاني التخطيط والرؤية المستقبلية لا يُعاني الضعف المالي، فما الملف الذي نجحتم في إدارته؟ هل ملف المسابقات العجيبة؟ أم الاهتمام بالقاعدة التي يشدو على أنغامها رجالكم صباحَ مساء؟ فرُبما الدليل قوة المسابقة التي لا تُغادر الشهرين، وتلقى اهتماما كبيرا بلغ أقصاه غياب سيارات الإسعاف عن تلك المباريات... وغيرها، وللحديث شجون! أم نجحتم في الملف الاقتصادي والتسويقي؛ فالتهاتف وصل زروته مع قدومكم على شراء الرعايات والحقوق؟ فأيهما نجحتم؟ وأين جديدكم؟ ولا تنسوا الشفافية فلها دروب!

ومع كل مرحلة يتبنَّى البعض شعارات براقة لا محل لها من الإعراب أسفا؛ فهناك من وعد أنَّ كرة القدم ستكون صناعة مزدهرة، وآخر أكد أنه جاء لإصلاح ما أفسده العطَّار، رافعا شعار التغيير والشفافية عنانا للمرحلة الزاهية بالأمجاد، وبين هذا وذاك واقع يقول إنَّ الشعارات ما هي إلا كلام إنشائي، فَكُرة القدم لم تزدهر صناعتها، ولم نرَ حتى الآن تغييرا، ولم نلمس الشفافية.

ما نراه إنفاق كبير ورعاية متواصلة من الحكومة، والأرقام تشهد إذا أفصحتم عنها.. نرى جمهورا حزينا نُعِت بما ليس فيه، وألسنة تَئِن بالشكوى من قدرات خرافية يمتلكها المنافس لكنها تسبِّح بالبقاء في المنصب، نرى أبواق سمَّمت الوسط بفتاويها الواهية، فكم من يدٍ صفَّقت ولسانٍ هلَّل لمصلحة يرجوها، وتدور العجلة والثمن يدفعه الجمهور وحده، ولا تنسوا أن تتصدروا المشهد عند تحقيق الانتصار، والتواري عند الخسائر.. فهل من جديد في جعبتكم لتلقوا بأوراقي أدراج الرياح؟!