تربية.. ولكن!


حمد بن صالح العلوي
al3alawi33@gmail.com

سعى المهتمون من تربويين وصحيين ومحبين إلى غرس القيم والمُثل العليا السامية عند اليافعين والمُراهقين من شباب اليوم الباحثين عن كل جديد المؤمنين بالقول "لكل جديد لذة".
قارئي العزيز :
هناك من يُنادي من المتفيهقين بوجوب فهم وتعليم الشباب وتثقيفهم فيما يحدث لهم من تغير فسيولوجي في وقت يغلبه الحياء في البوح أمام والديه وكي "لا يختلط الحابل بالنابل" كما يزعمون وألا يلتجئ إلى أقرانه ويخوض باستفاضة في هذه الموضوعات.
فقد أتوا بأساتذة ومستشارين يتحدثون بلغتنا وينقلون تجاربهم وما توصلوا إليه من حلول للحد من المشكلات التي كانوا يتذوقون مرارتها في بلادهم ولا يزال الطعم في لسانهم عالقاً، شعارهم "لا حياء في العلم" بحجة أنَّ شباب اليوم غير الأمس،إنهم تائهون،المغريات أمامهم،والفضائيات تزين لهم وتقدم ما يطرب آذانهم، وما يحلو لها عيونهم وأفئدتهم.
قارئي العزيز
صدق من قال: متى يبلغ البنيان يوماً كماله// إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم.
إن هؤلاء القوم فسدوا وأفسدوا،صفق لهم من صفق، وأشاد برأيهم من أشاد ونسوا قول القائل: "كلمة حكمة من جوف خرب".
إنني لست ممن يخالف هذا النهج، ولكنني أقول لهؤلاء ولغيرهم إن تعليم الشباب وتثقيفهم هو في البعد عن الخطر الذي ساد صيته في بلدان العالم مشرقه ومغربه وإذا أردنا خشية الوقوع في مصيدته يجب أن يسير التعليم على ضوابط وفق العادات والتقاليد، والتحدث بلغة بعيدة عن التصريح وإنما نختار كلمات سهلة سلسة تبين الفهم المراد، ولا نساير الركب في تدمير العقول والأفئدة، فكفاها تدميرا.
أيها المحبون، آباء ومربون مخلصون:
الشباب في حاجة إلى يد تأخذهم وتدلهم على طريق الصلاح فكونوا عوناً وسندا لهم فاتقوا الله تعالى فيهم واجعلوهم أمام ناظريكم، أعطوهم الحرية ولكن بحدود، أبعدوهم عن الخطر لئلا يسقطوا في الشباك التي خصصت لهم من قبل الذين يدعون الحرية وما أكثر فنونهم وحيلهم وأكاذيبهم وكلامهم الحلو المنمق.
قارئي العزيز:
وإذا تحدثت معك عن أبنائنا واحتياجاتهم النفسية والصحية إنه كما قرأت آنفا "أبناؤنا واحتياجاتهم النفسية والصحية" أستسمحك بأن آخذ من وقتك، لأن الموضوع في بالغ الأهمية، كأنني أقرأ ما تقوله عيناك وأجزم أنك تتمتم في نفسك وتقول إن الموضوع كبير ومتشعب، إنني أوافقك الرأي، ولكن سأبين القصد بإيجاز دون إطناب لأنني مؤمن بالمثل العربي الذي يقول "خير الكلام ما قل ودل".
كأن قارئي يسأل: هل يريد الأبناء من آبائهم أو أولياء أمورهم غير الأكل والشرب؟!
أقول له: نعم يريدون منهم الكثير، إننا ابتعدنا عن أبنائنا وانشغلنا بأنفسنا وما همنا إلا تأمين بيوتنا بالمؤن الغذائية وما طاب من مأكل ومشرب فلست أدري هل الزمان الذي نحن فيه أبعدنا عن أبنائنا وبناتنا وجعلناهم يتخبطون في الطرقات لا يعرفون حقيقة أنفسهم وما يُريدون، أبناؤنا بحاجة إلى غذاء صحي جيد ومفيد، يحتوي على قيمة غذائية عالية لتكون أجسامهم ذات بنية قوية حتى لا تنخرها السموم المضافة وما أكثر وجودها في الأطعمة المنتشرة هنا وهناك.
قارئي العزيز:
إن أبناءنا صغارا وكبارا بحاجة إلى الطمأنينة والأخذ بأيديهم نحو طريق يوصلهم إلى الأمان ونبعدهم قدر الإمكان من طريق مليء بالمطبات والحواجز والحفر، ولا تكون الطمأنينة إلا إذا أعطيناهم الثقة بنفوسهم وأنهم قادرون على فعل المستحيل.
إنهم لا يريدون منِّا الأكل والشرب فقط وإنما اهتمامنا بالجانب النفسي كذلك لئلا يسلكون طريقًا معوجًا يؤدي بهم إلى المهالك والانحراف وعلى هذا علينا أن نجلس مع أبنائنا ونرشدهم، نخبرهم طريق الخير حتى يمشوا فيه، وطريق الشر ليحموا أنفسهم من كل أذى، وإن كان عاقلا يختار طريق الرشاد أما إن زلت قدمه فيتحمل نتيجة اختياره.
قارئي العزيز:
وإنَّ فتياننا وفتياتنا بحاجة لأن نكون معهم خاصة وأن حياة اليوم ليست كالأمس الذي ولى نحن اليوم في عصر العلم والمعرفة إنه عصر التكنولوجيا الذي بعدت الجدة فيه عن التوجيه والإرشاد وحكاياتها القديمة المسلية الداعية إلى الحب والصدق والشهامة واستبدل بالتلفاز والقصص الركيكة المعنى والمغزى الداعية إلى العنف والقسوة.