حرائق المنازل.. الأسباب وطرق الوقاية!

 

سيف بن سالم المعمري

خلال السنوات القليلة الماضية فُجعنا بحوادث أليمة أدت لفقدان أسر بجميع أفرادها نتيجة استنشاق الدخان إثر حرائق نشبت في عدد من المنازل أثناء ساعات النوم نهارا وليلا وفي ساعات الصباح الأولى، وكان آخرها الحادث الذي وقع لأسرة من ولاية صحم وفجعنا جميعًا بفقدان 10 أشخاص قضوا نحبهم بعد استنشاق الدخان الناتج عن الحريق الذي شبَّ بأحد مرافق المنزل.

وحوادث الحرائق بشكل عام وحرائق المنازل بشكل خاص في السلطنة ظاهرة بدأت تتنامى خلال السنوات الأخيرة، وقد أشارت بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في الكتاب السنوي الإحصائي في العدد(46) الصادر في أغسطس من عام 2018م،  إلى زيادة عدد الحرائق بشكل عام بين الأعوام (2015- 2017) فقد بلغت في عام 2015 (3.684)، وفي عام 2016(4.157) وبلغت في عام 2017 (4.748) حريقا مسجلا على مستوى السلطنة، وقد تصدرت حرائق المنشآت السكنية أعلى معدل لها وبلغت (1234) حريقًا في عام 2017، ورغم أن جميعها قد تخلف خسائر جسيمة في الأرواح البشرية والأموال إلا أنّ حرائق المنازل تمثل أكثر جسامة لكون معظمها حدثت وتحدث في ساعات النوم والتي تخلف في أغلب الأحيان خسائر في الأرواح البشرية، بينما قد تحدث حرائق المصانع مثلاً في ساعة النهار وتكون القوى البشرية في يقظة، وقد تقتصر الخسائر على الماديات فقط.

إنَّ تكرار تلك الحوادث يتطلب وقفة من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة والمواطنين والمقيمين فالهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف وبالتعاون مع البلديات وشركات الكهرباء معنيون بوضع لوائح حازمة كتلك التي تفرضها تلك المؤسسات على المنشآت الصناعية والتجارية والمؤسسات العامة ونحوها، حيث إنَّ وضع اشتراطات السلامة من الحريق أصبح ضرورة وليست ترفاً، فالتدقيق على أنواع الأسلاك المستخدمة وجودتها وملاءمتها لأحمال الأجهزة المستخدمة، ووجود أجهزة الإنذار والطفايات لم تعد ضرورية للمنشآت سالفة الذكر، بل حتى المنازل.

كما إن مسؤولية الهيئة العامة لحماية المستهلك ووزارة التجارة والصناعة تتمثل في تشديد الرقابة على كل الأدوات والأجهزة الكهربائية التي تدخل إلى أسواق السلطنة، ووضع آلية إلكترونية موحدة بين جميع مؤسسات الدولة لتوثيق كل منتج كهربائي يدخل أسواق السلطنة، وإيجاد قاعدة بيانات عن كل الأجهزة التي تدخل المنازل سواء عن طريق منافذ البيع أو حتى عن طريق مالك كل منزل، بالإضافة إلى إيجاد آلية رقابية تتعاون فيها جميع الجهات مع الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف لزيارة المنازل ووضع ترخيص يجدد سنوياً يتعلق بإلزام مالك المنزل بوضع التدابير ووسائل السلامة من الحرائق في كل منزل.

أما المسؤولية الجسيمة لتجنب تكرار حرائق المنازل فهي مسؤولية رب الأسرة وكل فرد فيها، حيث إنَّ شراء الأجهزة الإلكترونية ذات الجودة المنخفضة والتي تأتي بعضها من أسواق دول الجوار وأحياناً من أسواقنا، وعدم الفحص الدوري للأجهزة الكهربائية في المنزل والتأكد من صلاحيتها، وتحميل المحولات الكهربائية فوق طاقتها، وترك أجهزة الإضاءة وأجهزة التكييف تعمل لفترات طويلة وعدم إطفائها عند عدم حاجتها، وكذلك ترك أجهزة الشحن للهواتف النقالة تعمل ليل نهار بشكل مستمر، وقبل ذلك شراء الشواحن الكهربائية ذات الجودة المنخفضة، وعدم اكتراث رب الأسرة بجودة التوصيلات الكهربائية عند إنشاء المنزل، وضربه عرض الحائط بكل التعليمات التي تصدر من الجهات المختصة، كلها عوامل تسهم في تكرار تلك الحوادث المؤلمة والتي تفجعنا بفقدان أغلى ما نملك على هذه الأرض الطيبة وهو الإنسان.

إنَّ المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود الجميع مؤسسات وأفرادا، فالقضاء والقدر مسلم به، لكن علينا أن نحول دون وقوع الأمور التي قد توقعنا إلى التهلكة.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت.

Saif5900@gmail.com