كأسٌ "بأيّةِ حالٍ عُدتَ" يا كأسُ!!

 

المعتصم البوسعيدي

عندما كان المتنبي يتباكى على عيد عاد عليه وليس ثمة جديد فيه سوى تفرق الأحباب وتباعدهم، لم يدر بخلده أنّ أعيادنا باتت ديدنها الفراق والألم، واستذكار الفرح على شوارع الموت، والحب على منابر الحقد والعصبيات البغيضة، لم يدر بخلده أنّ كل شيء يعود بحال أسوأ من ذي قبل حتى كأس العالم لكرة القدم المقامة حالياً في روسيا، عادت علينا ـ لو تدري ـ ونحن بأية حال يا أبا الطيب؛ لقلت بدل القصيدة قصائد ومعلقات!!

 

أي حال هذا الذي وصل إليه العرب في مونديال روسيا؟! وأي إرهاصات أسقطتها السياسة على الرياضة لتكون ملطخة بالعار؟! دول تقدمت وتطورت ونحن لا زلنا على نشوة الغل بأنّ "مفيش حد أحسن من حد"، وأكذوبة العروبة التي ـ قبل بدايتها - سقطت في تصويت "الوحدة الأمريكية"، وعندما كان العدل والصلح قيم التصالح الأخوي في دين الرحمة صار العدل "فيفا" من منتهك الحقوق وقاذف الناس باللمز والتنابز بالألقاب.

لقد طلت المشاركة العربية "بخماسية" الكف في المصافحة، وطعنة الدقائق الأخيرة في نظرتنا القاصرة، ونيران الأخوة التي أشعلنا بها أنفسنا، ومهما حاولنا ترميم الصفوف فتلك الصدوع واضحة، ولا يسد ضوء الشمس "غربال" الفقير المرقع. في أي كأس عالم هذا الذي شهد تتابع نكساتنا، فهناك قناة تجاهر بمحاربة الفساد ويدها ــ وكلها على بعضها ــ من الفساد مغموسة، وهنا مسؤول يفتح النار على لاعبين كأنّه تملكهم فصارت نفوسهم غير محروسة، وثمة شعوب "بالنكات والطقطقة" صارت مهووسة، فلا لغة تجمعنا ولا مصالح توحدنا، بل هزائم متلاحقة، وشتائم متسابقة، ثم نرجع ونقول "بلاد العرب أوطاني" فأي أوطان هذه التي نتحدث عنها؟!.

أعلم أننا حتى الحلم لم ولن نستطيع الحلم بالفوز بكأس العالم، وأنّ أمانينا لا تتعدى أغنية "الحلم العربي" الذي زاد استحالة تحقيقه، لكن استحضار شطر بيت المتنبي في داليته المشهورة، أبلغ من كل الكلام الذي يمكن أن يقال في مشاركة العرب بمونديال روسيا، والتي توشك أن تعلن الوداع من الجولة الثانية فقط؛ على اعتبار أنني أكتب المقال قبيل مباراة المغرب بالبرتغال ومن ثم السعودية بالأرجواي، قبل أن تصطدم تونس الخضراء ــ بعد أيام ــ ببلجيكا أحد المرشحين الأقوياء. وكأسٌ "بأيّةِ حالٍ عُدتَ" يا كأسُ!

 

الأكثر قراءة