لنستنهض هِمم الشباب ..

!

سيف بن سالم المعمري

 

الشباب هم عماد المجتمع، وبهممهم تستضيء الأوطان، والعناية بهم وتسخير الإمكانات لاستثمار طاقاتهم، وحفزهم على الإبداع والابتكار، تُعد مسؤولية جسيمة على الدولة بمؤسساتها العامة والخاصة، وقد كان الشباب العُماني ولايزال يشغل الحيز المكاني والزماني من اهتمام الحكومة منذ بزوغ فجر النهضة العُمانية في عام 1970م وحتى اليوم، فقد حظي الشباب العُماني باهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- وهو ما أكد عليه جلالته في الكلمة السامية بمناسبة الانعقاد السنوي لمجلس عُمان 2011م قائلاً :" ولما كان الشباب هم حاضر الأمة ومستقبلها فقد أوليناهم ما يستحقونه من اهتمام ورعاية على مدار أعوام النهضة المباركة، حيث سعت الحكومة جاهدة إلى أن توفر لهم فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف. وسوف تشهد المرحلة القادمة بإذن الله اهتماما أكبر ورعاية أوفر تهيئ مزيدا من الفرص للشباب من أجل تعزيز مكتسباته في العلم والمعرفة وتقوية ملكاته في الإبداع والإنتاج وزيادة مشاركته في مسيرة التنمية الشاملة".

ولقد ترجمت الحكومة اهتمامها بالشباب العُماني من خلال ما أسند إلى مؤسسات الدولة من مسؤوليات وأدوار للعناية والرعاية بفئة الشباب التي تمثل أغلبية أبناء المجتمع، وما تخصيص يوم السادس والعشرين من أكتوبر من كل عام، يوما للشباب العُماني، إلا تأكيد على الإيمان المتواصل لجلالته -حفظه الله ورعاه- بالقيمة النوعية للشباب.

إن العناية والرعاية والتحفيز واكتشاف المواهب والطاقات الشبابية ليست مسؤولية مؤسسة بعينها، بل تشترك في تلك المسؤولية عدة مؤسسات، على أن التنسيق والتكامل بين جميع المؤسسات المعنية بالشباب حول بناء منظومة عمل متكاملة يسهم في تخفيف الأعباء المالية والإدارية للدولة من جهة، ويحقق النتائج المرجوة في استنهاض همم وطاقات الشباب نحو الإبداع والابتكار وتحقيق المنجزات للوطن.

إنَّ طاقة الشباب وهممهم العالية لا حدود لها، وإن التفات مؤسسات الدولة للشباب لا يقتصر على الجوانب الرياضية والترفيهية فحسب، وإن كانت ذات أهمية بالغة، إلا أنَّ هناك مجالات تحتاج إلى عناية أكبر وشراكة أوسع بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة والأهلية كل في مجاله، وبما يحقق الغاية السامية لبناء جيل من الشباب العُماني الواعي والمدرك للتحديات المحيطة به.

إنني على يقين بأنَّ هناك جهود تبذل من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بقطاع الشباب، لكنها غير كافية، وتحتاج إلى رؤية تكاملية شاملة، تتناغم مع سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية والرياضة، والترفيهية ونحو ذلك.

فبناء جيل من الشباب المُثابر والمُتفاني في خدمة عُمان يتطلب توزيع وتكامل وشمولية المجالات التي يتوجب على المؤسسات الشبابية أن تلتفت إليها، فمعظم مؤسسات الدولة معنية بالشباب بطرق مباشرة وغير مباشرة، فالاهتمام بالشباب يبدأ من برامج التعليم والتأهيل والتدريب في المجالات الحياتية المتنوعة وبحسب ميولاتهم ومواهبهم، وبما يحقق الغاية من بناء مواطن فاعل في مجتمعه، فالاهتمامات الرياضية مثلا تتطلب تضافر جهود المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية في تهيئة المناخات الملائمة لممارسة تلك الأنشطة، فعلى الأندية الرياضية مثلا الاهتمام بمختلف الرياضات الفردية والجماعية والأنشطة الثقافية والاجتماعية، والاهتمام بصحة الرياضيين وتوعيتهم بالمخاطر الصحية الناتجة عن التدخين والمخدرات والمؤثرات العقلية، على إن أشغال أوقات فراغ الشباب يجنبهم الوقوع في مثل تلك المخاطر الصحية والمساءلات القانونية.

وفي مجال العمل وريادة الأعمال فإن توظيف الشباب وتحفيز قدراتهم للعمل والإنتاج ليس مسؤولية الحكومة فحسب، وإن كنت أرى أن بيوقراطية الإجراءات الحكومية تقف عائقا أمام الشباب في بناء مستقبلهم المهني، فكم من الشباب أصبحوا كارهين للعمل الحر نتيجة التعقيدات والتسويف في الإجراءات من قبل المؤسسات المعنية بذلك، كما أن المؤسسات الخاصة معنية بإعطاء الشباب فرص التعليم والتدريب والتأهيل.

وخلال السنوات القليلة الماضية برزت الفرق التطوعية في المجتمع بجهود الشباب، وقدمت تلك الفرق ولاتزال خدمات نوعية، وغيرت الكثير من المفاهيم الخاطئة عن العمل التطوعي وجاءت منسجمة مع قيم وعادات المجتمع العُماني والمتمثلة في التعاضد والتعاون، وقد ساندت المؤسسات الحكومية والخاصة جهود تلك الفرق والتي أثمرت بدور لافت في إحياء المثل السامية في مجتمعنا العماني.

إن الاحتفال بيوم الشباب العُماني يجب أن يكون محطة لتقييم واقع الشباب في جميع المجالات الرياضية والترفيهية والاجتماعية والصحية وكذلك ريادة الأعمال والعمل، وقد حان الوقت ليتم الأخذ بتوصيات الجلسات الاستطلاعية التي قامت بها اللجنة الوطنية للشباب عام 2013، والتي كانت مسحا شاملا لتطلعات الشباب في مختلف المجالات، كما إن المجتمع بحاجة ملحة إلى جهود أكبر من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة والقطاع الأهلي لاستنهاض همم الشباب.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،، 

Saif5900@gmail.com