خلفان الطوقي
تألمت كثيرًا من مشاهدة مقطع انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمبنى المطار القديم الذي كان يُسمى بمطار السيب والذي تمَّ تغيير اسمه إلى مطار مسقط الدولي في فبراير 2008م، والذي ترك على وضعه الحالي منذ شهر مارس 2018، ومقطع فيديو آخر لمبنى مركز عُمان للمعارض، وميناء السلطان قابوس بمطرح الذي يُعاني من قلة زائريه من عشر سنوات تقريبًا.
لكن في هذه المقالة ما يهمني هو مناقشة الاستفادة من مبنى المطار القديم لعدة أسباب أهمها: أنه مبنى يمتاز بموقعه الاستراتيجي، وقد أكمل أكثر من ستة أعوام ولم يستغل إلا مرة واحدة جزئياً أثناء جائحة كورونا، وأنَّ الصدفة قادتني إلى جلسة تضم عددًا من أصحاب الشركات ورجال الأعمال ومن تخصصات متنوعة كانوا يناقشون الموضوع ذاته.
النقاش المثري في هذه الجلسة وخاصة في بدايته أنَّ هناك من يرى أن يكون المبنى عبارة عن مجمع تجاري (مول)، وهناك من يرى أن يكون مستشفى خاصاً استثمارياً، أو مركزًا صحيًا تخصصيًا حكوميًا، أو متحفًا لقطاع الطيران، ومع امتداد الحوار تمَّ طرح فكرة أن يتحول هذا المبنى الضخم إلى محطة راقية للنقل الجماعي (الباصات أو الأوتوبيسات)، وبلمسات إبداعية تضم مكونات تكميلية مثل سيارات الأجرة (التاكسي)، وعدداً من المطاعم والمقاهي، ومنطقة انتظار للركاب مُكيفة ومظللة وواسعة، وفندقاً صغيرًا بدرجة ثلاث نجوم، ومنطقة عائلية لألعاب الأطفال، ومجمعا تجاريا مُصغرا ومُتطورا يضم أهم المحلات التي يحتاجها الركاب كمحل المواد الغذائية والهدايا وصيدلية، وساحة جمالية خضراء، وغيرها من المكونات الإنشائية التي تضمن نجاح واستدامة الاستثمار في هذا المبنى، ومن المهم أيضاً نقل موقع شركة مواصلات التابعة لشركة أسياد الحكومية إلى الموقع الجديد كي تثري المحطة المركزية (Central Station) كما تُسمى في الدول الأخرى كنقطة تلاقٍ لجميع أنواع النقل البري الذي سوف يربط إن شاء الله بخط مُباشر لمبنى مطار مسقط الدولي الجديد.
في النهاية استقر الحاضرون على هذه الفكرة، واتفقوا عليها خاصة أن المبنى ضخم ومصروف عليه مبالغ طائلة، وفي ذات الوقت أنه مكان جاهز ولا يحتاج إلى مُوافقات حكومية معقدة كمحطة برج الصحوة التي هي منطقة إحرامات لعدة جهات حكومية ومحدودية مساحتها مما يشكل عائقاً لتوسعتها أو الاستفادة منها في المُستقبل القريب، أضف إلى ذلك أنَّ هذا الموقع يعتبر آخر نقطة كمخرج لكافة محافظات السلطنة، وله مداخل ومخارج لطريق السلطان قابوس أو الشارع السريع، كما يُمكن توسعة المحطة مستقبلاً لوجود المساحات الشاسعة لمرافق المبنى الحالي، وتوفر مواقف شاسعة لأكثر من 1500 سيارة في آنٍ واحدٍ.
يُمكن طرح المشروع للقطاع الخاص من خلال ما يسمى "حق انتفاع"، أو ما خلال البرنامج الحكومي شراكة PPP (Public Private- Partnership) بحيث تدار المحطة من القطاع الخاص، الذي سوف يستثمر مبالغ مالية لإعادة تأهيل وتحسين المحطة بما يضمن نجاحها وتشغيلها في المستقبل، ويحقق للحكومة منجزا ووجهة جمالية وحضارية مشرفة وعصرية طال انتظارها للمواطنين والمقيمين من ناحية، ومن ناحية أخرى هي فرصة استثمارية تحقق عوائد مباشرة لخزينة الدولة، وفرصا للتوظيف المباشر وغير المباشر، وفرص إضافية للشركات الصغيرة والمتوسطة سواء الموردين أو المستأجرين أو مقدمي الخدمات المساندة للمحطة.
وأخيرًا، هذا هو المقترح حسب ما لدينا من مُعطيات، ويمكن لوحدة الشراكة والتخصيص في وزارة المالية مع بقية شركائها دراسة المقترح بشكل عميق، وإن رأت أنه مناسب حسب المُعطيات المتوفرة لديها، عليه، فيمكنها أن تكمل كافة الخطوات التنفيذية لطرحه كمشروع تشاركي بينها وبين القطاع الخاص سواء المحلي أو العالمي، والرابح هو الوطن وكل من فيه.