شكرًا للدكتورة فتحية السدّية

يعتقد الكثير من الناس إن الإنجازات التي تتحقق في المؤسسات الرسمية، ترتبط دائمًا بطول المدد الزمنية، كما يربط توفر المورد المالي عاملا رئيسًا لتترجم الأفكار والخطط إلى واقع، لكنهم يغضون الطرف قليًلا عن أهم العوامل لكل النجاحات ، وهو رأس المال البشري الذي هو أساس كل نجاح.
ولأننا في عُمان .. نؤمن إيمانًا مطلقًا بأن الإنسان هو أساس كل النجاحات، وإنه قطب الرحى الذي تدور حوله كل النجاحات، كما نؤمن بقدرة الرجل والمرأة معًا على تحقيق المنجزات، وهما كالجناحين اللذان لا يقوى التحليق إلى آفاق السموات؛ إن كان أحدهما مهيضًا منكسرًا..
تلك القواعد التي بنت عليها عُمان حضاراتها جيلا بعد جيل، وذلك الفكر الثاقب الذي راهن عليه باني نهضة عُمان الحديثة المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور-طيب الله ثراه-، والتي تمضي بخطى راسخة نحو مستقبل مشرق-بإذن الله تعالى-في عهد النهضة المتجددة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-.
وصورة أخرى للوجه المشرق لعُمان وأبنائها الذين لم يدخروا جهدًا من أجلها أرضًا، وإنسانًا، وها نحن نشرع بالحديث عن أحدى القائدات الماجدات التي ضربة بإخلاصها في عملها، أروع الأمثلة، فقدت أُنيطت لها إدارة تعليمية البريمي في ظروف استثنائية أقل ما توصف بأنها عصيبة جدًا؛ نتيجة التدابير الحكومية لمواجهة الأزمة المالية -الصعبة جدًا- التي بدأت منذ مطلع العام 2015م، ولا تزال،  وتزامنها مع الظروف التي فرضتها جائحة كورونا على جميع القطاعات وخاصة القطاع التعليمي،.
أنها الدكتورة فتحية بنت خلفان بن سليمان السدّية التي شغلت وظيفة المديرة العامة للتربية والتعليم بمحافظة البريمي، منذ منتصف عام 2019م، وحتى الرابع من مارس الجاري، قبل أن يصدر قرار تعيينها مديرة عامة للمديرية العامة للتربية الخاصة والتعليم المستمر بوزارة التربية والتعليم.
فرغم الفترة الزمنية القليلة جدًا التي قضتها كمديرة عامة بتعليمية البريمي؛ لكنها كانت فترة مثقلة بالعطاء والإنجازات، ومؤثرة في كل مفصل من مفاصل العمل التربوي، وجاء قرار نقل السدّية إلى موقع عمل جديد- مفاجئًا وصادمًا للمجتمع المحلي والتربوي في محافظة البريمي-، حيث ضجت شبكات التواصل الاجتماعي تحت الوسم #شكرًاللدكتورةفتحية_السدّية مستذكرين الأيام الجميلة التي جمعتهم بها، والإنجازات التي تحققها في فترة عملها، ودماثة أخلاقها وإخلاصها وقيادتها الفذة التي حولت محنة الظروف التي تحدثنا عنها في صدر المقال إلى منحة للعطاء وتحقيق المنجزات.
كما تدفقت على حسابات المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني كلمات الشكر والثناء للدكتورة السدّية، وعلى الحساب الرسمي لتعليمية البريمي، ومدارسها، وأشاد بها عدد من التربويين من مختلف محافظات السلطنة، ومن المخلصين لهذا الوطن العزيز.
ومن بين تلك الإشادة، على سبيل المثال لا الحصر، إشادة المكرمة الدكتورة ريّا المنذرية، في حسابها على تويتر، فكتبت قائلة: "لم أتعامل مع الأخت العزيزة د. فتحية السدّية عن قُرب، إلا أن تأثيرها العميق الذي زرعته في كل من تعامل معها كافٍ ليجعلني أقرأ شخصيتها الراقية؛ فلا يوجد كالأثر الملموس مقياس دقيق للنجاح. أفخر بك ابنةً من بنات وطني الحبيب تعطي أبناءه بسخاء، وأسأل الله لك التوفيق في مهمتك الجديدة"، وكتب الإعلامي علي صعر في حسابه قائلا:"‏كانت مثالا للإخلاص والعمل الجاد في تعليمية البريمي، عملت بعيدًا عن الضجيج... فضجت التغريدات بالدعاء والشكر لها عند مغادرتها المنصب لموقعٍ آخر. "قال تعالى:"وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۖ".
كانت متوجهة بالعطاء، فلا تكل ولا تمل، وعطائها يتضاعف يومًا بعد آخر، اقتربت من الجميع: الطالب، وولي الأمر، المعلم والمشرف، والمدير، تقدر، وتكرم، وتثني، وتحفز، ولا يوجد في قاموسها كلمة "المستحيل"، وكانت مطلعة على جميع مفاصل العمل التربوي، توجه وتتابع أول بأول، واضافاتها قيمة جدًا بشهادة الجميع.
وأثمرت جهود الشراكة التي وضعت قواعدها الراسخة مع المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الأهلية عن توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون لإنجاز مشاريع في تعليمية البريمي، مشاريع نفذت، وآخر جاري العمل بها الآن، وثالثة ستنفذ في الأيام القادمة بإذن الله. مشاريع استهدفت الطلاب تارة، والتربويين تارة أخرى، وثالثة لقيادات المديرية..
لم تكن جائحة كورونا عائقًا لتعليمية البريمي عن عقد اللقاءات مع التربويين والطلاب، وتنفيذ البرامج والأنشطة، وكان صيفا 2019 و2020 أكثر فصول الصيف عطاء، فنظمت الملتقيات للطلاب ولكافة الفئات التربوية عبر تقنية الاتصال المرئي.
فما خطته الحروف والكلمات عن الدكتورة السدّية في شبكات التواصل الاجتماعي؛ لهو أكبر دليل على عظم المكانة والتقدير والاثر الذي تركته في تعليمية البريمي.
لم يكن قرار نقل الدكتورة السدّية إلى موقع قيادي آخر مفاجئًا بالنسبة لها، فمع قرب الناس منها ورضاهم عن قيادتها الفذة، وأمنياتهم ببقائها لسنوات عديدة، كانت دائمًا تردد إن أي مكتسب لمحافظة البريمي هو لأبنائها وإنهم هم الأقدر على العلو بشأنها، وأنني- والحديث للسدّية- جاء بي قرار، لتأدية الأمانة في تعليمية البريمي، وسأترك موقعي لآخر بقرار-.
#شكرًاللدكتورةفتحية_السدّية
إن كانت الكلمات ستفيك حقك أيها القيادية الماجدة، وهنيئًا لعُمان أمثالك، وسيبقى الثناء والامتنان لك شاهدًا على إخلاصك وبصماتك التي لن تنسى إلى الأبد..