هل يمكن أن تصبح عُمان وجهة للسياحة التعليمية؟

سَيْف المعمري

 

تَزْخَر السلطنة بالعديد من المقوِّمات السياحية والتي يُمكن أن تجعل منها وجهة سياحية عالمية، وتتنوَّع فيها المقوِّمات السياحية بين المعالم والمواقع التاريخية والأثرية، والتي سجَّلت عددًا منها في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، وكذلك الطبيعية الساحرة بين الجبال والسهول والأودية والعيون المائية، والتضاريس والشواطئ الخلابة، والتنوع المناخي بين شمال السلطنة وجنوبها وبين المناطق الساحلية والداخلية.

وحسب المؤشرات السياحية في السلطنة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2017م، والصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، فقد بلغ إجمالي عدد الزوار القادمين إلى السلطنة حتى شهر مايو الماضي 1.3 مليون زائر، يأتي الخليجيون أولا، والهنود ثانيا، والألمان ثالثا، والبريطانيون رابعا، والفلبينيون في المركز الخامس، فيما بلغ عدد المغادرين من السلطنة في نفس الفترة 2.5 مليون زائر.

كما زار السلطنة عبر السفن السياحية 164 ألف و604 زائر، جاء في المرتبة الأولى السياح الألمان، ثم البريطانيون، والإيطاليون ثالثا، والأمريكيون في المركز الرابع، والإسبانيون خامسا، وبلغ إجمالي عدد نزلاء الفنادق (3-5) نجوم 695 ألفا، فيما بلغت إيرادات تلك الفنادق 91 مليون ريال عُماني.

ومن وجهة نظري، تلك المؤشرات لا تزال متواضعة عطفا على المقومات السياحية المتعددة والمتنوعة التي تمتلكها السلطنة، وتلبي اهتمامات السياح من مختلف دول العالم والتي تمَّت الإشارة إليها سلفًا، كما أنَّ من بين أهم المقومات التي تمتلكها السلطنة، إضافة للموقع الإستراتيجي المتميز، والاستقرار السياسي والأمني، والذي تنعم به السلطنة، وعلاقات الصداقة النموذجية بين السلطنة مع سائر دول العالم، كلها عوامل نوعية يمكن أن تستفيد منها في تفعيل سياحة المؤتمرات والسياحة التعليمية، على أنَّ مشروع مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض الذي بُدئ العمل في بعض مرافقه سيكون بمثابة منصة حضارية تعكس حجم النهضة التنموية التي شهدتها السلطنة خلال العقود الأربعة والنصف الماضية، ويعيد للسلطنة دورها كوسيط حضاري بين الأمم والشعوب.

أمَّا عن السياحة التعليمية، فلا تزال بحاجة لإستراتيجية لاستثمار عوامل الجذب السياحي للسلطنة، بالتناغم مع استقرارها السياسي والأمني؛ حيث يبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في السلطنة ما يربو على 70 مؤسسة جامعية في مراحل الدراسة الجامعية الأولى، إضافة لمرحلة الدراسات العليا، ومن بين مؤسسات التعليم العالي في السلطنة: جامعة السلطان قابوس، وجامعة صحار، وجامعة نزوى، وجامعة ظفار، وجامعة البريمي، وجامعة الشرقية، وجامعة مسقط، إضافة لجامعة عُمان، والتي لا تزال تخطو خطواتها التأسيسية.

وفي ظلِّ تنامي تدفُّق الطلاب العُمانيين لاستكمال مرحلة الدراسات العليا في درجتي الماجستير والدكتوراه في المؤسسات الجامعية في عدد من الدول العربية الشقيقة كالمغرب، وتونس، ومصر، وكذلك ماليزيا، وبتكاليف دراسية معقولة جدًّا، فإنَّ فتح المؤسسات الجامعية في السلطنة لباب الدراسات العليا للعُمانيين وغير العُمانيين وبأسعار معقولة، سيشجع الكثير من أبناء السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن الدول العربية إلى تفضيل جامعات السلطنة كأنسب الوجهات السياحية التعليمية في المنطقة.

لذا؛ فإنَّ مسؤولية تنمية قطاع السياحة التعليمية، والذي يعد من القطاعات الواعدة بحاجة إلى تعاضد عدد من مؤسسات الدولة كوزارات التعليم العالي، والقوى العاملة، ومجلس التعليم، ومجلس البحث العلمي، والهيئة العُمانية للاعتماد الأكاديمي، ووزارة السياحة، والمجلس الأعلى للتخطيط والجهات ذات العلاقة.

فالإنسان العُماني المُحِب للسلام والوئام، والاستقرار السياسي والأمني، وطبيعة السلطنة الجغرافية وموقعها المتميز، كل ذلك يجعل منها مقصداً لطلاب العلم من جميع بقاع المعمورة، والأمر الذي يُمكِّن السلطنة من أن تصبح وجهة واعدة للسياحة التعليمية.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...،

Saif5900@gmail.com