خلفان الطوقي
منذ عدة شهور ووسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن اتفاقية التجارة الحرة بين سلطنة عُمان والهند (FTA)، وهذا الحديث يزيد وينقص، يزيد تكرار الحديث عن الاتفاقية كلما أحس الناس أن التوقيع على الاتفاقية بات أقرب عن ذي قبل، وينقص ذكر الموضوع وهو -نقصان حذر- عندما ينشغل الناس بمواضيع أخرى.
ما شدَّني للحديث والكتابة عن موضوع اتفاقية التجارة الحرة بين عُمان والهند هو ملاحظتي لكثير من التعليقات حول الموضوع، وما شدَّ انتباهي أن معظم هذه التعليقات سلبية وصلت للتنمُّر والشخصنة، ومعظمها يدور حول تأثير الاتفاقية على توظيف العُمانيين في القطاع الخاص، والتهام السوق المحلي.
لم أجد تعليقًا أو تصريحًا حكوميًا رسميًا حول هذه النقاط تحديدًا، وأعتقد أن السبب في ذلك أن الاتفاقية ما زالت سرِّيَّة، ووقع الجانبان على بند عدم الإفصاح عن اي معلومات عن الاتفاقية، بالرغم من ذلك لا أشك للحظةٍ أن جميع الهواجس المجتمعية- سواء الواقعية أو المبالغ فيها- وصلت لمتخذي القرار في الحكومة أو مجلسيْ الشورى والدولة، وأهمها القرارات السيادية وفي قمتها عدم وجود أثر جوهري في توظيف العُمانيين، أو اغراق السوق بسلع تؤثر على القطاع الصناعي المحلي.
ولأن الجانب الايجابي لم يغطََّ بما فيه الكفاية، فلا بأس في تسليط الضوء على بعض هذه الجوانب، كالعلاقات التجارية الناجحة بين البلدين منذ أكثر من 500 عام، والقرب الجغرافي من بعضهما البعض، ووجود فرص مستقبلية لجذب استثمارات ضخمة من الهند خاصة لقطاع إعادة التصدير الذي يستفيد من اتفاقيات تجارية حرة أخرى كالتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة، وتفعيل المناطق الصناعية والمناطق الحرة العُمانية التي يمكن أن تستفيد من الاستثمارات الهندية المباشرة، وتجذب معها استثمارات من دول أخرى، وبالمقابل استفادة القطاع الصناعي العُماني من التصدير لسوق ضخم قريب وتعداد سكانه يقترب من 1.5 مليار نسمة، يستفيد من التسهيلات والإعفاءات الجمركية المعقدة، ومضاعفة التجارة البينية بأرقام قياسية، وفتح آفاق تجارية واستثمارية جديدة.
الخلاصة.. حان الوقت للمبادرات الجريئة، ووضع كل مبادرة في ميزان التقييم العلمي المحايد من حيث المزايا والمساوئ والفرص والتحديات ومن خلال مكاتب استشارية مرموقة وفرق تفاوضية مؤهلة، فإن رجحت المزايا والفرص؛ فالقرار يجب أن يتخذ بدون تأخير أو تردد، وأن كانت العيوب والتحديات هي الطاغية ومن الصعوبة حلحلتها وتجاوزها، فيمكن تأجيل القرار وإعادة النظر فيه، والبحث عن مبادرات أخرى ذات نفع عام وجدوى اقتصادية عالية؛ فالبحث والتقصي والتقييم واقتناص الفرص أينما وجدت هي رحلة لا بُد أن تستمر، وأي تأخير أو تردد سوف يكون مكلفًا، والفرص ومكاسبها سوف يقتنصها غيرنا.
