الأم بين قدسية الدور وجدل المناسبات

 

 

سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@icloud.com

 

 

في كل عام، ومع اقتراب يوم الأم، أجد نفسي وسط جدل يتكرر: هل نحتفل؟ هل نتجاهل؟ هل نُخصّص للأم يومًا؟ أم نكتفي ببرّها الدائم كما أوصانا ديننا؟

وأنا أستمع إلى هذا النقاش الدائر، لا أرى نفسي في طرف دون الآخر، بل أرى ما هو أعمق من ذلك، أرى أمًا بذلت نفسها، عمرها، وصحتها في سبيل الآخرين، وأرى مجتمعًا ما زال أحيانًا لا يمنحها ما تستحق.

أنا لا أعتقد أنَّ تخصيص يوم للاحتفال بالأم يُقلّل من شأنها؛ بل أؤمن أنَّ هذا اليوم يجب أن يكون فرصة، لا بديلاً، فرصة لنقف مع أنفسنا، ونتأمل في عظمة هذا الكائن الذي صبر بصمت، ووهب دون انتظار، وابتسم في وجه التعب كأنَّه لا يعنيه.

الأم ليست بحاجة ليوم، فهي تستحق العمر كله، ولكننا- نحن الأبناء- نحن من نحتاج هذا اليوم، لنستفيق، لنعتذر، لنُعيد ترتيب أولوياتنا التي أرهقها الركض في تفاصيل الحياة.

لا أتحدث من برجٍ عالٍ، بل كإنسانة، كامرأة، وكأم.. أعرف جيدًا أنَّ أجمل ما قد يُهدى للأم ليس هدية مُغلفة، بل لحظة صدق، مكالمة من القلب، حضن يُعيد الطمأنينة، نظرة تحمل امتنانًا عميقًا لا تقدر عليه الكلمات.

أحترم من يرى أن الاحتفال بيوم الأم ليس من ثقافتنا، وأتفهم من يخشى أن يتحول الأمر إلى طقس شكلي، لكنني أؤمن بأن النوايا هي التي تصنع الفارق فإن كان يوم الأم بابًا يُوقظ القلوب، ويُذكّرنا بأن وراء كل نجاح أمًا ظلت خلف الستار، فمرحبًا به.

أنا أحتفل بيوم الأم، ليس لأنه يوم مختلف، بل لأنه مناسبة أتوقف فيها لأقول لأمي، ولكل أم: أنتِ العطاء الذي لا يشبهه عطاء، والحنان الذي لا يُعوض، والدور الذي لا يمكن أن يحلّ محله أحد.

إلى كل من يقرأ كلماتي: لا تنتظروا يومًا، لكن لا تمنعوا أنفسكم من أن تجعلوا هذا اليوم لحظة محبة، صادقة، صافية، تُشبه قلب الأم. فوجودها بركة، ورضاها حياة، ودعاؤها باب مفتوح لا يُغلق.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة