أحمد بن عبدالله الشنفري
أوجاع حقيقية تعيشها الأمة العربية اليوم ومنذ عقودٍ طويلة، تدق ناقوس الخطر حول التَّحديات الجسيمة التي تواجهها دولنا العربية ولا نعلم ما هي العاصمة العربية التي يتم التجهيز لإسقاطها خلال السنوات المقبلة ونشر الفوضى بها وسرقة مواردها.
إنَّ ما نشهده من تهاوي بعض العواصم العربية ليس مُجرد نتيجة لأحداث عابرة، بل هو نتاج تراكمي لعوامل داخلية في الأساس وخطط وأطماع خارجية أتت نتيجة لذلك. في الداخل، انتشار الفساد الإداري والمالي والاقتصادي، ومحسوبية الجشع للمتنفذين وحمايتهم بقوة القانون، وغياب العدالة الاجتماعية، وانعدام الحكمة في التعامل مع الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كلها عوامل أسهمت في تآكل أساسات الدول ومواردها، وتعميق الهوة وأزمة الثقة بين أبناء الوطن الواحد.
وهذه المشاكل الداخلية سمحت للأطراف الخارجية بالتدخل السريع واستغلال الأوضاع لمصالحها الخاصة، مما جعل الدول فريسة سهلة للتحكم والسيطرة من أطراف متعددة.
أما فيما يتعلق بالخارج، فمن الواضح أن القوى الكبرى لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، دون اعتبار لمصير الشعوب ومستقبلها، فالشعوب في نظرهم هي شعوب لا تستحق العيش الكريم لأنها أتت من عرق عربي أو آسيوي أو أسود وأقرب مثال ما سطره التاريخ من مجازر في جنوب أفريقيا ودول عربية وآسيوية حتى تحررت من ذلك الاستعمار.
ورغم السواد الذي يلف المشهد السياسي العربي، يبقى الأمل في عودة الروح الوطنية إلى العواصم العربية، وفي إحياء الحضارة العربية والإسلامية والقيم الإنسانية التي تمثلها، لكن هذا الأمل لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تضافرت الجهود لإصلاح الداخل ثم الداخل ثم الداخل أولًا.
لا بُد من التركيز على بناء ثقافة وطنية تقوم على العدالة، والمساواة، ونبذ القمع، ومحاربة الفساد والجشع وزرع قيم المحبة والتسامح، ومتابعة شؤون المجتمع والارتقاء بحياة الفرد، وعلينا أن ندرك أنَّ الوطن هو ملك للجميع، وأن الحكومات هي خادمة لشعوبها، وليست متسلطة عليها أو تملك الحق في إذلال مواطنيها.
دعواتي الصادقة لعودة العز والتقدم والازدهار إلى عواصمنا الغالية بغداد ودمشق وصنعاء والقدس وطرابلس، وغيرها من العواصم العربية التي تعاني من أوضاع سياسية واقتصادية صعبة وحساسة، هي دعوة لكل عربي غيور ليعمل بصدق على تحقيق هذا الحلم العظيم، ولو بخطوات بسيطة تبدأ بمحاربة الفساد ونشر الوعي والتعليم والصحة، لأنَّ الأمة التي تدرك قيمتها الحقيقية لا تقهرها أي قوى خارجية.
الآن ومنذ عقود تنهب الثروات الطبيعية لصالح الدول الكبرى والعصابات السياسية فلا فاز الذي جمع مئات الملايين من ثروات وطنه وفر ظناً أنه سيصبح في مأمن وسيعيش سعيدا ومكتفيا، ولا انتصر الذي حماه ووفر له الحماية من الملاحقة القضائية، لأنه بكل تأكيد إذا فقدت الدولة مكانتها فإن الدول الأخرى تعامل مواطنيها والذي لجأ إليها هارباً كشخص ضعيف يحتاج الأمان والاستقرار وكل همه الحفاظ على حياته، وحينها يبدأ الاستغلال المادي والمعنوي وتذهب كل تلك الأموال هباءً منثورًا.
حفظ الله كل الدول العربية وأبناءها، وإن شاء الله نرى تطورًا ملحوظًا، وتقدمًا كبيرًا في كافة الدول العربية تُعيد الأمجاد العربية إلى موقعها الصحيح.