د. سليمان المحذوري
تضطلع وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني بدور تنموي يرتكز على "تنمية عُمرانية مُستدامة لمجتمعات مُزدهرة"، والانتقال بالخدمات الإسكانية والتخطيط العُمراني إلى مراحل متقدمة من مفهوم صناعة المكان، وفي ضوء مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، وأهداف التنمية المستدامة، فقد أطلقت الوزارة الاستراتيجية العُمرانية كمرجعية وطنيّة مستقبليّة لضبط وتوجيه النمو العُمراني؛ بما يتناسب مع الميزات النسبية والتكاملية للمحافظات العُمانية.
وفي هذا الإطار؛ وحتى تتمكن الوزارة من تنفيذ سياساتها التخطيطية والعُمرانية أُسندت لها اختصاصات جوهريّة منها تخصيص أراضٍ ذات استخدامات مختلفة للمواطنين وفق ضوابط استحقاق الأراضي الحكومية. وبتاريخ 16 نوفمبر 2023 صدر القرار الوزاري رقم 220/2023 بإصدار اللائحة التنظيمية لضوابط تخطيط الأراضي. عالج الفصل الخامس من هذه اللائحة مسألة استحداث الأراضي ويقُصد بها "إضافة قطعة أرض أو أكثر لمخطط المنطقة في الجيوب التخطيطية أو مناطق التوسع الحضري". ونصت المادة (14) على جواز استحداث قطع أراض في المخططات الإسكانية بكافة الاستعمالات وفق الضوابط والآلية المعتمدة من قبل الوزارة.
وتأسيسًا على ذلك، فإن الوزارة معنية بشكل رئيس بتخطيط الأراضي وفقًا للضوابط والمعايير التخطيطية المضمنة في هذه اللائحة؛ يبد أنّ استحداث أراضٍ في بعض المخططات الإسكانية قد يؤدي إلى حدوث ضرر لمواطنين آخرين. ومثال ذلك يشتري بعض المواطنين قطع أراضٍ- وأخص بالذكر المناطق الساحلية- بمبالغ طائلة نظرًا لموقعها؛ على اعتبار أنّها الخط الأول المواجه للبحر مباشرة من أجل بناء منزل أو استراحة، وما إلى ذلك من المرامي. ولاحقًا يتم استحداث مخططات لأراضي أمامها مباشرة؛ مما يُفقدها أهمية الموقع، وبالتالي نزول قيمتها السوقية إلى أكثر من النصف، وبطبيعة الحال تضرر أصحاب هذه الأراضي أيما ضرر.
وفي هذا الصدد، لي تجربة شخصية بشراء قطعة أرض في منطقة ساحلية وبموجب الملكية الصادرة من وزارة الإسكان المرفق بها مخطط الأرض هي في الصف الأول المقابل للبحر، كما إنّ تطبيق "عُمان ريل" يؤكد ذلك. وبعد فترة تطلب الأمر تحديث الرسم المساحي لقطعة الأرض؛ ولكن تفاجأت بوجود قطع أراضٍ أمام قطع الأراضي التي كانت في الأساس موقعها على الخط الأول. وحتى لا يمتد استحداث هذه الأراضي أمام قطعة الأرض التي اشتريتها وبقيمة عالية راجعت الوزارة في هذا الموضوع، وبعد تواصل مستمر بين الوزارة والمديرية المختصة حصلت على رد شفوي بأنّه لن يتم استحداث قطع أراضٍ أخرى في هذا المخطط، وسيتم تخصيص المنطقة المتبقية بين البحر وقطع الأراضي على الخط الأول من البحر كمنطقة خضراء.
وبالنظر إلى الشريط الساحلي الممتد من منطقة ضباب التابعة لولاية قريات مرورًا بمناطق بمة وفنس وانتهاءً بمنطقة قلهات التابعة لولاية صور؛ نجد أنّ هذه المنطقة أصبحت تستقطب مشاريع سكنية وسياحية واعدة وهواة التخييم، فلماذا لا يتم اعتماد هذه المخططات بمختلف استخداماتها؟ ولماذا لا تتم تهيئة المخططات السكنية فيها بمقومات الحياة العصرية بما ينسجم مع "أنسنة المدن"؟ ولماذا لا يتم استغلال الوجهات الشاطئية وانشاء الحدائق والمماشي البحرية ومسارات للدرجات الهوائية بحيث تكون متنفسًا طبيعيًا للسكان؟
ختامًا.. ما من شكّ أنّ وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني تبذل جهودًا كبيرة للاهتمام بالتخطيط الحضري وتحسين جودة الحياة، وتنظيم المخططات الإسكانية وفقًا لاشتراطات تخطيطية صارمة؛ بما يتماشى مع الرؤى والاستراتيجيات الحديثة في هذا المجال.