الشهادات الاحترافية والمستقبل

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

 

في بداية شهر سبتمبر الماضي نظّمت وزارة العمل ملتقى المؤهلات الاحترافية الذي شهد إطلاق مُبادرة "مسار" بهدف رفع كفاءة الموظفين في القطاع الحكومي، وزيادة إنتاجيتهم. وبما لا يدع مجالًا للشكّ أتت هذه المبادرة في وقتها في ظل الطفرات الاقتصاديّة والتكنولوجيّة، والتوجهات العالميّة الحديثة، وتماشيًا مع تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040".

ومن أجل أن تصل عُمان إلى مصاف الدول المتقدمة؛ فإنه من الأهمية بمكان إيلاء قطاع التعليم والتدريب عناية خاصّة. ولا ريب أنّ تطوير قدرات ومهارات الكوادر العُمانية يُسهم في بناء مجتمع معرفي، واقتصاد متنوع ومستدام؛ وتاليًا بناء قدرات وطنيّة منافسة. واليوم وفي إطار التنافس الشديد على فرص العمل أصبح سوق العمل يتطلب كفاءات مهنية فنية وتقنية مُعينة، وتركيزًا في جوانب محددة بصرف النظر عن الشهادات الأكاديمية التي يمتلكها الأفراد. كما إنّ المسار المهني أو الوظيفي لا يتطلب شهادات عليا مثل الماجستير والدكتوراه اللهم إلّا المسار الأكاديمي الذي يحتاج هذا النوع من التأهيل.

ووفقًا لما ورد في دليل المؤهلات الاحترافية تُعد المؤهلات الاحترافية أحد مسارات التعليم التي تضمنها الإطار الوطني في سلطنة عُمان، وتعرّف بأنها "الشهادات التي يحصل عليها الفرد لإثبات مهاراته ومعرفته في مجال مُعين ويمكن أن تكون هذه المؤهلات نتيجة لدورات تدريبية، برامج تعليمية، امتحانات معينة أو خبرة مهنية حيث تمنح هذه المؤهلات للأفراد وفقًا لمعايير محددة من قبل جهة مانحة دولية".

ومن هذا المنطلق باتت الشهادات المهنية أو الاحترافية "أداة أساسية لتحقيق النجاح المهني، والتميز في الحياة العملية، وتمثل استثمارًا مهمًا في تطوير الذات، وتحقيق الأهداف المهنية". وإلى جانب ذلك تساعد هذه المؤهلات في بناء مسار مهني واضح، وترجّيح كفة شخص دون آخر في التنافس على الفرص الوظيفية المتاحة محليًا وعالميًا. جدير بالذكر أنّ وزارة العمل أطلقت مبادرة "مسار" بهدف تمكين الموظفين الحكوميين من الحصول على مؤهلات احترافية في عدة مجالات مثل الإدارة، والموارد البشرية، وإدارة المشاريع، وتقنية المعلومات، والمحاسبة والمالية والتدقيق، والصحة والسلامة المهنية، والنفط والغاز، والذكاء الاصطناعي.  

خلاصة القول.. رغم أنّ هذه المبادرة النوعية تتحمل تكاليف الحصول على المؤهلات وفقًا لاشتراطات محددة؛ إلا أنّه- من وجهة نظري- هذا غير كافٍ، وحتى نجني ثمار المبادرة، وضمانًا لنجاحها حبذا مراعاة الموظفين الذين حصلوا على موافقة وزارة العمل للانخراط في أحد البرامج الاحترافية من ناحية مرونة الدوام اليومي؛ ذلك أنّ الحصول على هذه الشهادة يتطلب بذل جهد كبير في مراجعة المواد الدراسية، وأحيانًا تكرار المحاولات لاجتياز الامتحانات. وعلاوة على ذلك فإن تكثيف الترويج الإعلامي بشأن المبادرة ومزاياها يفضي إلى التعريف بها بشكل مستمر، ووصولها إلى جميع الشرائح الوظيفية في المؤسسات الحكوميّة.  

 

 

 

 

الأكثر قراءة