دورس وعِبر من "حادثة الوادي الكبير"

 

 

أفلح بن عبدالله الصقري

إنَّ ما مرَّ علينا في ضوء الأحداث الأخيرة في منطقة الوادي الكبير بمحافظة مسقط، لحدث عظيم ودخيل علينا كشعب عُماني مُسالم وبعيد عن الصراعات الطائفية والمذهبية، ومدعاة للتفكُّر والتأمُّل، وكيف حدث هذا الحادث الذي يُعدُّ غريباً على عُمان الوطن المعروف بهدوء شعبه وحُبه للسلام والوئام بينه وبين أطيافه المُختلفة.

تعوَّد الشعبُ العُماني على التكاتف والتلاحم فيما بينهم في المواقف الصعبة، والابتعاد عن أسباب الفرقة والتَّمرد، وتبنِّي الأفكار المنحرفة والضالة، والخروج عن منهج الدين الإسلامي الحنيف الذي علَّمنا معنى الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والسير على منهاج النبوة والاقتداء بالصالحين والتمسُّك بالأخلاق الحميدة الفاضلة، وعدم الانجرار نحو التَّعصب الديني والتشدُّد والغلو، وهنا لا نُعمِّم ولكن ما قرأناه في البيان الصادر عن الجهات الأمنية من أن مُرتكبي حادثة إطلاق النَّار في الوادي الكبير هم إخوة عمانيون؛ حيث دلت إجراءات التحريات والتحقيقات أنهم من المتأثرين بأفكار ضالة؛ وهو أمر مُؤسف وصادم في الوقت ذاته.

إنَّ الذي حدث في الوادي الكبير من إطلاق للنَّار على الآمنين في بيت من بيوت الله تعالى، لهو تعدٍّ على حرمات الله، وعلى من قصد التعبُّد والتقرُّب لله سبحانه وتعالى؛ فالشعب العُماني بكافة أطيافه ومذاهبه لم يعتد على الاختلاف والتناحر، خصوصاً في مثل هذه المواقف التي شهدتها السلطنة مؤخراً، وإنما هو نسيج متكامل وحلقات مترابطة لا تنفك عن بعضها البعض.

وعليه، ندعو كافة العقلاء في السلطنة إلى أن يكون لهم كلمة في هذا الشأن، كما أنَّ الدور اليوم كذلك يقع على عاتق الخطباء في المساجد، والمعلمين والمعلمات في المدارس، والحكماء في المجالس الدينية، والآباء في البيوت؛ لحثِّ وتوعية فئة الشباب وإيصال الرسالة إليهم بأهمية الحفاظ على إيمانهم أولاً، ومكتسبات هذا الوطن واستقرار أمنه وأمانه ثانياً، كما أنَّ النصح والإرشاد والتوجيه والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الذي ننتمِي إليه، والابتعاد عن الأفكار المنحرفة الضالة والسلبية والضارة لنفسه ووطنه؛ فالوطن حُضن وانتماء والنفس البشرية غالية لا يجب التفريط فيها والانصياع للتوجيهات الخارجية التي لا هم لها سوى التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، والتنازل عن القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية التي تربوا عليها منذ نعومة أظفارهم، ولا يجب إفساح المجال أمام هذه الفئة المنحرفة عن طريق الحق ونشر أفكارهم المسمومة في المجتمع المسلم المحافظ.

كما ندعُو كافة أطياف المجتمع بالتكاتف والتعاون مع الجهات الأمنية فيما من شأنه المساس بالوطن واستقراره والدعوة لزعزعة أمنه واستقراره وسلامة أراضيه والإبلاغ عن أي حدث مشبوه يمس أمن وسلامة الوطن وعدم التهاون في ذلك، فكلنا شرطة وكلنا شعب واحد وأمة واحدة.

وعليه.. نناشد الجهات المختصة لدينا والجهات الأمنية بالتيقظ، وأن تكون أكثر حذراً من ذي قبل والتصدي لهذه الفئات، ونحن نعلم بأن الجهات لدينا لا تألو جَهداً في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن والمواطن والمقيم على حدٍّ سواء.

حفظ الله السلطنة وشعبها وسلطانها من كُل سوء وبلاء ومكروه، وجعلنا اللهم آمنين مُطمِئنين سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، كما نَسأله سبحانه وتعالى أن يُبعد عنَّا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.

تعليق عبر الفيس بوك