غزة.. أيقونة العالم الحر

 

حمد الحضرمي **

 

 

أراد العدو الصهيوني المجرم من خلال حربه البشعة الظالمة التي يشنها على غزة منذ أكثر من 200 يوم أن يقضي على غزة ويذل أهلها ويدمر كل شيء فيها ويمحوها من الوجود، ولكن إرادة الله أرادت أن تكون غزة لها العزة والصمود والثبات والصبر واليقين والرضا بقضاء الله وقدره، والبقاء صامدة في وجه العدو، وأن تكون حديث العالم وأيقونة الحرية بلا منازع، وبطلة المقاومة والدفاع عن الوطن والمقدسات، وصاحبة الشهامة والمروءة والكرامة والرجولة بكل معانيها الأخلاقية والإنسانية، وأن تكون كابوسًا للصهاينة وكاشفة للعالم عن جرائمهم المحرمة والمجرمة دوليًا، وفاضحة لأخلاقهم وقيمهم السيئة غير الإنسانية.

إن كفاح وصمود وثبات ومقاومة غزة وأهلها المرابطين المجاهدين الأحرار للعدوان الصهيوني طوال سبعة أشهر جعل أحرار العالم يخرجون في مظاهرات تُندد بهذه الحرب المجرمة وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ووقف القصف والقتل والدمار والخراب، وها هي أكثر من 40 جامعة أمريكية تخرج في مظاهرات مناهضة للحرب على قطاع غزة، وتهز هذه المظاهرات الولايات المتحدة الأمريكية وتهز إدارة الرئيس الأمريكي بايدن وتُرعب إسرائيل، الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي يدين التحركات الطلابية في الجامعات الأمريكية الرافضة للحرب على قطاع غزة واصفًا إياها بأنها مُعاداة للسامية ودعوة للعنف.

كما تمَّ تجنيد الإعلام الأمريكي المدعوم من اللوبي اليهودي لشيطنة الحراك الطلابي، وتم اعتقال بعض الطلاب وأعضاء هيئات التدريس وإغلاق الجامعات والتحول نحو التعليم عن بعد. وتسعى أمريكا الآن بكل إمكانياتها وقدراتها لوقف المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية لأنَّ هذا يتعارض مع سياسات حكام البيت الأبيض الذين يرون أن إسرائيل فوق القانون الدولي، ولا يمكن مهما ارتكبت من جرائم ومجازر أن تُدان بذلك، ولا يقبل أن يخرج أحد ليتظاهر ضد حربها المقدسة - كما يعتقدون - ضد الفلسطينيين في غزة.

وللأسف الشديد نشهد في الجانب العربي خذلانًا ليس له مثيل، وفي مشهد مخزٍ تتطاول بعض القنوات الفضائية العربية على المقاومة الإسلامية والمجاهدين في غزة وفلسطين، وتقف هذه القنوات العربية مع العدو الصهيوني وضد الإسلام والمسلمين، وتؤيد الصهاينة في حربها ضد غزة وأهلها، الذين يدافعون بكل شجاعة وكرامة عن وطنهم ومقدساتهم وعن أعراضهم ومحرماتهم، والذين قدموا أنفسهم وأرواحهم وفلذات أكبادهم وأموالهم، وخسروا كل شيء وضحوا بالغالي والنفيس للدفاع عن وطنهم وأراضيهم، والله إن هذه القنوات العربية لوصمة عار على جبين العرب ويتوجب مُقاطعتها، كما حذر بعض العلماء من هذه القنوات العربية الظالمة الكاذبة المحرضة على الإسلام والمُسلمين وقالوا لهم اتقوا الله وكفوا أذاكم عن المسلمين وكونوا على الأقل مهنيين تحترمون قواعد المهنة وأخلاقها.

ورغم كل شدة المُعاناة وويلات الحرب فإنَّ أهلنا في غزة صامدون في وجه العدو ولن يستسلموا، فهم يدافعون بكل شجاعة عن وطنهم، وقد ضربوا في الصبر والتحمل دروسًا لا تقوى عليها شعوب الأرض في هذا الزمان، وأصبحوا مضرب الأمثال في الإرادة والصبر والإيمان، وأصبحت بحق غزة منبع الأبطال ومدرسة الصمود والأحرار ودار العزة والشموخ، فغزة أصبحت أيقونة العالم الحر.

التحية والتقدير لأهلنا في غزة الصابرين المحتسبين على كل ما أصابهم من هذه الحرب المجرمة، وعلى ما قدموه من تضحيات في الأرواح والممتلكات لأجل العزة والكرامة، وصدق الشاعر محمود درويش عندما قال: إن سألوك عن غزة قل لهم بها شهيد، يسعفه شهيد، ويصوره شهيد، ويُودعه شهيد، ويُصلي عليه شهيد. والتحية والتقدير لكل أحرار العالم وخاصة طلاب الجامعات الأمريكية الذين اشعرونا بما تبقى من إنسانية فى هذا العالم الظالم على أمل الانتفاضة العالمية لرفع الظلم والاضطهاد والعدوان عن شعبنا العربي الأصيل في غزة وفلسطين ليعيشوا في أمن وأمان وعزة وكرامة وسلام.

اللهم إنا نستودعك غزة وأهلها صغيرها وكبيرها، رجالها ونسائها، شبابها وبناتها، أرضها وسماءها، أن تحفظها وتحفظ أهلها من عدوان العدو الصهيوني الغاشم.

** محامٍ ومستشار قانوني