مؤيد الزعبي
كثيرًا ما نحتاج لمساعد أو عدة مساعدين في حياتنا سواء العملية أو حتى الشخصية، ودعني أقول لك عزيزي القارئ أننا في عصر بات لكل منا مساعده الشخصي الخاص أو سكرتيره الذي يسهل لك الكثير من الأشياء، ولا تستغرب أن وجدنا في قادم الأيام محاميًا شخصيًا خاصًا ومستشارًا خاصًا بك، فالأمر لم يعد بتلك الصعوبة في ظل وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على القيام بالكثير من الأمور في حياتنا.
أعتقد بأنك جربت المساعد الشخصي "سيري" أو "بيكسبي" أو حتى "أليكسا" أو "مساعد جوجل" وطلبت منه إرسال رسالة أو القيام بعملية اتصال، ومع التحديثات الجديدة والقادمة في المستقبل القريب فسيتعلم الذكاء الاصطناعي نبرة صوتك وسيقوم بالنيابة عنك بإجراء المكالمات والاتصالات، ومازلنا في البداية فالقادم يقول بأننا على أعتاب مرحلة سينوب عنا الذكاء الاصطناعي في الكثير من الأمور، وسيقوم بدلًا عنا بأمور ستجعل من حياتنا أسهل وأفضل.
تخيل معي عزيزي القارئ بأنك تعيش في إحدى مدن المستقبل؛ مدينة ترتبط فيما بينها بتقنيات انترنت الأشياء، فالشوارع والبنايات والمحالات وكل شيء من حولك مرتبط بالإنترنت، حينها سيكون مساعدك الشخصي قادر على أن يتم بدلًا عنك الكثير من الأمور، فبمجرد أن تطلب منه إنجاز معاملة ما في دائرة ما سيكون من السهل عليه تقديم الطلب كما هي الطريقة المتبعة إلكترونيًا، أو حتى تطلب منه أن يقوم بحجز فندق أو طائرة أو حتى مطعم أو يطلب لك سلعة معينية ويقارن أسعار جميع المحالات القريبة منك ليجد لك أفضل الأسعار وأفضل جودة.
تخيل معي عزيزي القارئ أيضًا كيف سيكون شكل حياتنا لم تم تدريب وتعليم المساعد الشخصي ليأخذ بعض من صفاتك ويكون ملم بجميع تفاصيل حياتك ومستواك العلمي وقدراتك الوظيفية أو حتى مستواك الاجتماعي ووضعك المادي، هذا المساعد سيكون مستشارك المالي والاستثماري وسيكون محاميًا لك إن احتجت لأي شيء، ولن يكون صعبًا عليه أن يتابع لك شؤون عملك دون أي تأخير فيرتب لك اجتماعاتك ومواعيدك ويبحث لك عن فرص جديدة أو يقترح عليك كيفية تطوير مهاراتك التي ستحتاجها في بيئة العمل الجديدة، ولن يقصر معك أبدًا لو وجد وظيفة مناسبة لك، فيمكنه التقديم عليها ومتابعتها ومراسلة الشركة ولا أستبعد أن يجري المقابلة بدلًا عنك بما أنه نسختك الرقمية.
ما أعنيه مما سبق أننا مقبلون على مرحلة تستنسخ فيها ذواتنا وخبراتنا وحتى عقولنا ومهاراتنا ونجعل منها نسخ متعددة وبدلًا من أن تكون إنسان واحد يمكن أن تستنسخ من نفسك العشرات "رقميًا" وتقوم هذه النسخ الرقمية بالعديد من الأمور في حياتنا، ولا أستبعد أن تتداخل هذه التقنيات في حياتنا الشخصية وتصبح هي المسؤولة عن إدارة حياتنا الزوجية أو حتى العاطفية وعلاقتنا بعائلاتنا وأولادنا، فما المانع أن وجدت مساعدًا شخصيًا لا ينسى أي مناسبة وحسب أسلوبك وطريقتك يتعلم فنون شراء الهدايا وفنون تقديمها حتى، وليس هناك ما يمنع من أن نجد هذا المساعد ينوب عنك في المجاملات وارسال رسائل التهنئة أو التعزية أو حتى رسائل الاطمئنان عن الأحوال، بل أعتقد بأنه سيحضر بدلًا عنك اجتماعات مدرسة أولادك ويوجه للمعلمين أسئلة واستفسارات أن نفسك لا يمكنك القيام بها يكون هدفها التعرف بشكل صحيح على مستوى الأولاد ووضعهم الدراسي.
ما هو مؤكد صديقي القارئ أن المستقبل سيحمل معه الكثير من المفاجأة في هذا المجال فلا أستبعد يومًا أن نجد مساعدًا شخصيًا يمكنه معالجتك نفسيًا، ومن حسن الحظ أن هذا المساعد سيكون على دراية كاملة بكل شيء في حياتك نفسيًا وعمليًا وعاطفيًا وأسريًا وحتى ماديًا وسيكون بمقدوره أن يضع أصبعه على الجرح النفسي الذي سبب لك المتاعب والآلام.
في النهاية.. أود التأكيد بأن كل هذا أمر إيجابي سيحسن من حياتنا بشكل أو بأخر؛ صحيح بأنه سيسلب منا بعض من إنسانيتنا ويجعلنا أشخاص مبرمجين لكن لن يوقف هذا الأمر أي شيء فأباطرة التكنولوجيا يريدون ذلك ونحن ننتظرهم أنا وأنت وننتظر أن نستفيد من هذه المميزات فلن يتوقف تطوير هذه التقنيات مهما كانت وجهات نظرنا، فبالنهاية نحن كبشرية دائما ما نبحث عن تسهيل الأمور علينا وبهذه الأدوات سيتسهل كل شيء وهذا لوحده أمر إيجابي علينا تقبله والاستعداد له.