السلام قبل التطبيع

 

محمد بن رامس الرواس

إنَّ السلام متى ما أُريد له أن يقوم بين طرفين يفترض أن يكون التزامًا من الجانبين تمنح فيه الحقوق وتتبادل فيه الواجبات، وما تقوم به إسرائيل لا يدعو إلى السلام وبالتالي أي تطبيع معها فلا معنى له ولا جدوى منه فهي تريد كل شيء وتطمع دومًا في أفضل شيء؛ بينما من يريد السلام الحقيقي عليه أن يكون أكثر التزامًا ويجلس ليفاوض ويحاور ليجد السلام لنفسه مكانًا وموطأ قدم.

التطبيع من منظور ومفهوم إسرائيلي هو التدخل بنفوذ وتغلغل مُسيء في المجتمعات العربية وزعزعة الثقة بينها وازدياد اضطرابها، ونشر قيمها؛ حيث لو أن إسرائيل تريد التطبيع حقيقة لردت الحقوق إلى أصحابها الفلسطينيين.

تحذيرات تتكرر وإشارات ورسائل مستمرة من العديد من دول العالم الواعية بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى إسرائيل تنذرها بنتائج وخيمة جراء الضغط العنيف الذي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني خاصة بالقدس وقطاع غزة من انتهاكات خاصة في الفترة الأخيرة برغم أن هناك أصوات من داخل إسرائيل نفسها تدعوها لوقف ما تقوم به.

عندما يستشري الظلم وتُنتهك الحرمات خاصة المقدسات الدينية مرارًا وتكرارًا ويتعمدون تدنيس المسجد الأقصى، وتطغى الأحلام السوداء في مخيلة الجماعات اليهودية توهمهم بأن لهم أحقية كاملة في المسجد الأقصى وساحاته؛ وعندما تُسفك دماء الأبرياء وتمتلئ أبشع سجون العالم ظُلمة بالمظلومين من أبناء فلسطين ويتم التنكيل بهم أيما تنكيل؛ ويتم اقتحام البلدات والقرى الفلسطينية وتُكشف حرمات ساكنيها دون أدنى حرمة على امتداد مدن الضفة الغربية ويعيث الجيش الإسرائيلي فسادًا وينتج عن ذلك استشهاد المئات دون جريرة أو ذنب... مع كل هذه المشاهد وغيرها كان لا بد أن تحين الساعة ليرتفع صوت الحق وينتفض الأحرار حين يتجاوز الظالمون الحدود فيدفعون الثمن جزاء لهم من مما اقترفته أيديهم الآثمة.

مخطئ من ظن يومًا أن لإسرائيل عهدًا؛ فبرغم أن إسرائيل ارتدت عباءة السلام ودعت الجميع للسلم والوئام ونادت للتطبيع مع الجميع؛ ومع اعتذاري لأمير الشعراء أحمد شوقي  أقول: "مخطئ من ظن يومًا أن لإسرائيل مبدأ".

التطبيع من وجهة نظر الإسرائيليين يختلف كما ذكرنا سابقًا عن وجهة نظر العرب الذين يعتقدون في العلاقات الودية والتبادل الاقتصادي والتجاري والتقاطع في خطوط العلاقات الدولية، مما قد يحصد فيه الفلسطينيون جزءًا من حقوقهم ويمكن إدخال بعض المساعدات إليهم.. لكن هيهات هيهات أن يكون للإسرائيليين هذا الاتجاه، ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي.