جهود الصين وتعاونها بشأن تغير المناخ

تشو شيوان

تهدف الصين إلى بلوغ ذروة انبعاثاتها الكربونية بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060، وإذا تحقق هذ الهدف، فسيكون ذلك أكبر خفض في العالم من حيث كثافة انبعاثات الكربون في أقصر إطار زمني في التاريخ، في الوقت الذي أنشأت بكين أكبر سوق للكربون في العالم.. وحتى نهاية يونيو، تم تداول 237 مليون طن من حصص الكربون في الصين وبلغت قيمتها حوالي 11 مليار يوان تعادل مليارا ونصف المليار دولار أمريكي.

إن الصين تقوم بمجهودات وإنجازات كبيرة للحد من الظواهر البيئية السلبية، وتعمل مع جميع الأطراف للتغلب على مشكلات الاحتباس الحراري، وهذا ما سيخدم العالم بأكمله أولاً لأن الصين واهتمامها بالمناخ سيؤثر إيجاباً على البيئة العالمية وأيضاً سيفتح الباب والمجال لأن يتشارك العالم مع الصين في كيفية المحافظة على البيئة والاستفادة من التجارب الصينية في هذا المجال، وعلى مستوى القيادات العليا فالقادة الصينيين وعلى رأسهم الرئيس الصيني شي جين بينغ يولي اهتماماً كبيراً بقضايا المناخ والبيئة، ويشارك في الكثير من الاجتماعات العالمية المتعلقة بهذا الأمر، ونجده دائماً يلقي كلمات مهمة لدعوة دول العالم للاستفادة من التجارب الناجحة لمواجهة الظواهر البيئة، وهذا يجعل القضايا البيئية تحظى باهتمام واسع داخل الصين وحتى من المجتمع الدولي بوجود قادة عالميين مهتمون بشكل فعالي بكل ما هو متعلق.

لقد وصل المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ جون كيري، إلى بكين في زيارة تمتد أربعة أيام وتعد الثالثةَ لمسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى الصين خلال الشهر الماضي، وتأتي بعد أسابيع من حرارة الصيف المرتفعة، التي يقول العلماء إنها تزداد سوءاً بسبب تغير المناخ، وقد صرحت وزارة الخارجية الصينية أن الجانبين سيناقشان سبل معالجة هذه المسألة بشكل مشترك. وأعلنت الخارجية الأمريكية أيضاً أن هدف كيري هو التعامل مع المسؤولين الصينيين في معالجة تغير المناخ، فضلاً عن تعزيز نجاح مؤتمر كوب 28 التي من المقرر إجراؤها في نوفمبر، حيث ستجتمع حوالي 200 دولة في الإمارات العربية المتحدة لمناقشة طرق التخفيف من آثار الاحتباس الحراري العالمي.

وفيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ، اتفقت الصين والولايات المتحدة في أبريل 2021 على العمل معا لتعزيز تنفيذ اتفاقية باريس، ويشمل ذلك السعي للحفاظ على متوسط الزيادة في درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود لتحجيمها عند درجة مئوية ونصف. كما اتفقت بكين وواشنطن على خفض إنتاج واستهلاك الهيدروفلوروكربون، وتعهدتا باتخاذ المزيد من الاجراءات لتعظيم الاستثمار والتمويل الدوليين لدعم الدول النامية في انتقالها من الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري ذي الكثافة الكربونية إلى الطاقة الخضراء منخفضة الكربون والطاقة المتجددة.

لقد أولت الحكومة الصينية اهتماماً كبيراً في "بناء الحضارة الإيكولوجية"، وتبنت سلسلة من القرارات والخطط ودمجت بناء الحضارة الإيكولوجية في كافة المجالات وفي كافة أعمال البناء الاقتصادي والبناء السياسي والبناء الاجتماعي والبناء الثقافي، مما ساهم في تحقيق تقدماً عظيماً ونتائج إيجابية في تحسين الحياة البيئية في الصين وتحسين جودة الحياة البيئية للشعب الصيني.

هناك مفاهيم عملت الصين على التركيز عليها من أجل تحسين المنظومة النظرية لبناء الحضارة الإيكولوجية. مثل: "ازدهار البيئة الإيكولوجية يحقق ازدهار الحضارة"، "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وفضة"، "البيئة الإيكولوجية قوة إنتاجية، وتطوير البيئة الإيكولوجية هو تطوير قوة الإنتاج"، "البيئة هي معيشة الشعب، والجبال الخضراء هي الجمال، والسماء الزرقاء هي السعادة"، ومثل هذه المفاهيم قد جددت معرفة الناس بالبيئة الإيكولوجية الطبيعية، وجعلت المفهوم أقرب للناس مما مكن الدولة من تحقيق أهدافها البيئية، وإذا توجهت للشعب الصيني فستجد بأنه أصبح أكثر إدراكاً بالقضايا البيئية ومهتم بتغيير سلوكه من أجل حماية كوكبينا، وهذا ما أجد فيه نموذج مهم لكيفية نقل مسألة المحافظة على البيئة من التطبيقات والمبادرات الحكومية لتغيير سلوك الناس في المجتمع.

كما أصدرت الصين خطط الوقاية من تلوث الجو والماء والتربة ومعالجته أو ما يمكن تسميته "إعلان الحرب ضد التلوث"؛ وحددت خطاً أحمر لحماية البيئة الإيكولوجية، وتطبق حماية واستعادة النظام الإيكولوجي للجبال والأنهار والغابات والحقول والبحيرات، ودفعت المعالجة الشاملة للبيئة الريفية بشكل عميق، وتسرع في إصلاح الحلقات الضعيفة للبيئة الإيكولوجية، مما حقق تحسنا ملحوظا لجودة البيئة الإيكولوجية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تواصل الصين تعزيز تطبيق قانون البيئة، فقدمت محكمة الشعب العليا ونيابة الشعب العامة العليا تفسيرا قضائيا لتخفيض معايير إدانة المتهم، وأنشأت محكمة الشعب العليا دائرة قضائية خاصة بالموارد البيئية، وفي الوقت نفسه فإن المراقبة البيئية التي تقوم بها الحكومة المركزية في جميع أنحاء الصين، تلعب دوراً فعالاً في حل بعض المشكلات المزمنة.

 

* صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية ـ العربية