خلفان الطوقي
مفهوم الامتياز التجاري أو ما يُعرف باللغة الإنجليزية بمصطلح "Franchise" موجود في معظم اقتصاديات الدول، ومعناه ببساطة أن تكون هناك تجربة تجارية ناجحة ويمكن أن نسميه "المانح" في أن يعطي معرفته الإدارية والفنية لجهة تجارية أخرى "الممنوح"، وفق عقد قانوني فيما بين الطرفين.
هذا النموذج التجاري ليس حديثًا، ويعد إحدى الدعامات الجوهرية في اقتصاد الدول الكبرى مثل الولايات الأمريكية واليابان وكندا وألمانيا وبريطانيا والصين وإيطاليا وغيرها، ومؤخرًا دخلت دول الخليج هذا المضمار وتميزت، وأصبحت تتوسع محليًا وإقليميًا وحتى دوليًا.
هذا النموذج التجاري له مزايا للمانح؛ حيث إنه من خلال علامته التجارية سوف يتوسع محليًا دون ضخ رأس مال جديد؛ بل سيجني أرباحًا إضافية من خلال العمليات التوسعية، أضف إلى ذلك أن العلامة التجارية (Trade Mark) سوف يزيد سعرها السوقي بعد كل توسع، وبما أن المصلحة مشتركة ببن "المانح" و"الممنوح" للامتياز، فإن "الممنوح" سوف يستفيد أيضًا، والفائدة سوف تكون من خلال الخبرات الفنية والممارسات الإدارية التي سوف يحصل عليها دون عناء، إضافة إلى السمعة والجاذبية والانتشار من خلال العلامة التجارية الشهيرة والموثوق بها، وتجنب كثير من المخاطر التي من الممكن الوقوع فيها لقلة الخبرات الفنية والإدارية والبرامج المالية الرصينة.
وبما أننا نتحدث عن المزايا، فإن المزايا تشمل حتى الدولة، فهذا النموذج التجاري يخلق عشرات الآلاف من الوظائف اعتمادًا على سعة اقتصاد كل بلد، ويسرّع وتيرة نقل المهارات والخبرات والممارسات الدولية من بلدٍ لآخر، كما إنه يوسع الفرص الاستثمارية والشراكات المحلية والإقليمية والعالمية، ويُعزز من الفرص التجارية المستدامة، ويشجع المنتجات المحلية في رفع مستويات جودتها ومعاييرها الإنتاجية، ويرفع من مواردها المالية بشكل أو بآخر، ويزيد من سمعتها الدولية خاصة في حال تصدير العلامات التجارية خارج المحيط المحلي.
وانتقالًا إلى السلطنة.. هناك العديد من العلامات التجارية العالمية وظهرت بشكل واضح بعد عام 1970، كما تتواجد بعض العلامات الخليجية التي ظهرت مؤخرًا، والخبر المفرح أن هناك علامات عُمانية تخطت الحدود المحلية، لكن عددها لا يتجاوز أصابع اليدين. ومن هنا تبنت غرفة تجارة وصناعة عُمان من خلال مبادرتها النوعية التي دشنتها عبر برنامج تدريبي واستشاري يهدف إلى دعم رواد الأعمال العمانيين الجادين، ونشر ثقافة "الامتياز التجاري" فيما بينهم، كي يكونوا إما "مانح" أو "ممنوح" على المستوى المحلي أولًا، والانتقال إلى المحيط الإقليمي أو العالمي.
مبادرة نوعية متكاملة بدأت في تاريخ 20 فبراير 2023، وسوف تستمر عدة أشهر تطوف عدة محافظات و7 مناطق منها مسقط وصلالة وصحار ونزوى والرستاق والبريمي، هذه المبادرة تتكون من 4 مراحل مهمة. وأول هذه المراحل: التعريف التفصيلي بكل ما يخص فلسفة "الامتياز التجاري". والمرحلة الثانية تتمثل في تقديم الاستشارات الفردية لمن يرى في نفسه الكفاءة والقدرة للاستمرار. أما المرحلة الثالثة فتتضمن تقييم الشركات المشاركة من الجهة الاستشارية المتعاونة مع الغرفة. في حين أن المرحلة الرابعة والأخيرة- وهي الأهم على الإطلاق- تكون عبر اختيار أفضل 5 رواد أعمال عمانيين ضمن معايير محددة، وذلك لتأهليهم ليكونوا ضمن البرنامج التأهيلي الذي يتضمن عمق الفائدة من برنامج الامتياز التجاري مثل إعداد أدلة منوّعة للامتياز التجاري، ودليلا تسويقيا للمنتج أو الخدمة، ونموذجا للاتفافية بين المانح والممنوح، وتدريبا ميدانيا لبيع الامتياز.
إذا نجحت هذه المبادرة النوعية والتخصصية، فإنها ستؤتي ثمارًا عديدة لجميع الأطراف، ويمكن أن تتضاعف أعداد قصص النجاح، وتُستنسخ محليًا وإقليميًا وحتى عالميًا، فطموح غرفة التجارة والصناعة الذي أعلنت عنه في المنتدى السعودي العماني بالرياض، يتجلى في تطوير فكرة التعريف والتدريب لموضوع الامتياز التجاري؛ ليتطور ويتم استحداث مركزٍ لخدمة الامتياز التجاري، خاصة وأن عوامل النجاح أصبحت ناضجة ومتوفرة.