سكون واسترخاء!

 

وليد الخفيف

 

حالة استرخاء وسكون تعم أرجاء بعض الاتحادات الرياضية في الفترة الأخيرة؛ فالبعض ما زال على "الوضع الصامت" دون أن يشعر بما يدور حوله من خطى متسارعة نحو إنجازات إقليمية وقارية وأولمبية مقبلة، منهمكًا في عالمه الخاص المتمحورة أهدافه في تشكيل اللجان والوفود السياحية.. "وبعتنا مع الطير المسافر سلامات".

ويبدو أن "جزيرة" الغبرة الكائن بها مقر الاتحادات الرياضة منعزلة، إذ تحُول الصعاب الوعرة دون وصول أخبار الكون الفسيح لقاطنيها، فلا حس ولا خبر عن "أولمبياد فرنسا" المُقبل مثلًا، ولم تكشف الاتحادات ذات الصلة واللجنة الأولمبية عن برامجها لهذا الاستحقاق الرفيع!

وتلوح في الأفق راية الاستسلام لخوض الأولمبياد القادم كسابقه عبر البطاقة البيضاء، فهي مقصد مريح وآمن لبلوغ باريس لأصحاب القلوب الضعيفة التي لا تقوى على التحدي، وتعتزم السياحة في بلاد الفرنجة بقائمة وفود عريضة تتجاوز عدد اللاعبين- كالعادة- "ويا ليل ما أطولك"!

لم يشفع تغيير النظام الأساسي لهذه الاتحادات، وانتخاب مجالس إدارات جديدة لإحداث التغيير المطلوب؛ فالجُدد مضوا على نهج أسلافهم بلا هدف ولا رؤية ولا عزم على مغامرة الإنجاز.

وهناك من يستمتع بالصمت والاسترخاء مستفيدين من فراغ النقد الصحفي الذي نعيش أوجاعه، فرغم الضرورة الملحة لتسليط الضوء على أزمات تتفاقم، وموازنات تُهدر، إلا أنَّ مواد الحشو الهشة السطحية تتصدر المشهد، فضلًا عن مواد العلاقات العامة والمديح والإشادة وتبرير واقع لا ينسجم مع المعطيات ولا يعبِّر عن أن المشكلة إدارية بحتة وليست مالية.

وللإنصاف خرجت القناة الرياضة الموسم الماضي والموسم الجاري من هذا الإطار بمناقشة العديد من القضايا عبر برامجها، إلا أن الدعم الصحفي كان غائبًا، وحافظ بعض الضيوف على "حيادهم"!

وإليكم بعض القضايا التي تم تجاهلها والتساؤلات التي لم يجب عنها المسؤولون:

  1. لماذا لم يُطلب من الاتحاد العماني لكرة القدم فتح تحقيق إداري شفاف تعرض نتائجه إثر وفاة مخلد الرقادي على أرضية الملعب ونجاة آخر؟! ولماذا لم يتخذ اتحاد الكرة تدابير مُغايرة تضمن تحقق عامليْ الأمن والسلامة للاعبين وأطراف المنظومة، لتحول دون تكرار المأساة مجددًا؟!

لم يُفتح باب التحقيق في القضية من الأصل، وأغلق الملف دون التئام شجونه! فالاتحاد المعني واصل إقامة بعض المباريات بدون سيارة إسعاف مثل دوري المراحل السنية المُهمل منذ عقود! وحتى لو تواجدت سيارة الإسعاف في مسابقات أخرى فينقص بعضها التجهيزات الضامنة للتعامل مع الحالات الحرجة؛ فبعضها لنقل اللاعبين المصابين لأقرب مركز صحي.

  1. أثيرت في الفترة الأخيرة قصة المدربين الأسبان والشرط الجزائي الذي يضمن لهم استلام كامل عقدهم لمدة سنتين حال إقالتهم! والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف اعتُمدت تلك العقود من الدائرة المعنية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب؟! وهل تعتبر مناقضة في الحساب الختامي؟ ولماذا وافق المجلس بالكامل على هذا العقد المجحف بحق مؤسسته؟! وهل هناك أسباب سرية وراء ذلك؟!
  2. لماذا لم تُنظِّم المديريات والدوائر المعنية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب برامج صيفية رياضية وثقافية؟

عندما طرحت هذا السؤال قيل إن السبب "ضعف الإمكانات". وبدون فسلفة أو إطالة، الحل بسيط إذا كانت تلك المديريات والدوائر لديها شغف وتبحث عن جديد أو أدركت ما ترمي إليه رؤية "عمان 2040"، فالمديريات والدوائر تمتلك مجمعات رياضية بكادر وظيفي في كل محافظات وولايات السلطنة، ومن السهل استثمار وقت الصيف بإطلاق برامج الصيف الرياضية والثقافية والاجتماعية مقابل رسوم مالية شهرية تحصل من المشتركين؛ فالفرصة مواتية في تلك الحالة لتوفير فرص عمل موسمية لطلاب كلية التربية الرياضية بجامعة السلطان قابوس لنيل مقابل مادي ورفع مستوى الخبرة، وكذلك الحال أمام معلمي الرياضة المدرسية، فالكل هنا سيستفيد من المشروع، لكننا متمسكون بمصدر واحد لتمويل المشروعات وهو الدعم الحكومي المباشر في زمن الاستثمار الرياضي وحسن إدارة أصول وممتلكات الدولة.

  1. أين لجنة رياضة الأداء العالي؟! وهل هي امتداد لمشروع البطل الأولمبي؟
  2. من المسؤول عن تقييم الاتحادات التي ليس لها جمعية عمومية مثل تنس الطاولة والدراجات الهوائية والجولف؟ وهل كان إشهار تلك الاتحادات قانونيًا في الأصل؟ وما مدى صحة وجود تشريع يساوي بين اتحادات منتخبة وأخرى معينة ووضعها في كفة واحدة من الامتيازات والحقوق على طاولة اللجنة الأولمبية كأعضاء فاعلين في العمومية ومنتخبين في مجلس الإدارة؟!

 

  1. توقفَ العمل كليًا بمراكز إعداد الناشئين التابع لوزارة الثقافة والرياضة والشباب بسبب جائحة كورونا، وما زال المشروع متوقفًا حتى اللحظة رغم انقضاء السبب، علمًا بأن ميزانية رواتب العاملين به مستمرة دون انقطاع طوال تلك المدة دون عمل! فيبدو أننا بحاجة لمزيد من الوقت لحسم الأمور واتخاذ قرار حاسم يقضي بعودة العمل، أو فض المشروع، أو تحويله للاتحادات الرياضية، أو الأندية.. أما النزيف المالي الحالي دون عمل فأمر يحتاج لتفسير!
  2. بعد مرور عام وبضعة أشهر على انتخابات اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضة المدعومة ماليًا، هل وضُعت تلك المؤسسات في الميزان؟ وهل قُيِّم عملُها؟ وهل وقفنا على التحديات التي تواجهها وبدأنا في طرح الحلول؟ وهل وضعناها في مقارنة مع المجالس السابقة؟ وهل أدركنا سبب التنافس الشرس على تلك المناصب رغم ما يصفونه بضعف الإمكانات؟! وهل من أسباب وراء عدم انسجام معظم المجالس المنتخبة؟ وهل ضمن النظام الأساسي الجديد صون مقدرات وموازنات الاتحادات وحمايتها من الحرص الشديد على السفر بين الأعضاء؟

إنَّ التقاعس كرهًا أو طوعًا "أو عسلًا" عن مناقشة تلك القضايا تسبب في حالة ركود واسترخاء تنافسي؛ فالرؤية أضحت ضبابية والأجسام لم تعد واضحة في المرآة.