خيارات مؤلمة

فوزي عمار **

 

لا شك أنَّ ما حدث في تونس مؤخرًا، شبيه بما حدث في تونس آخر أيام زين العابدين بن علي، وهي لحظة الانكسار والتي لا يحسب لها حساب حتى تقع الواقعة.

الأغلب أنَّ الطغاة يراهنون على الوقت لحل المشاكل، ولكن الوقت غالبا ما يكون ليس في صالحهم. وعدم فعل شيء يوازي تماما فعل الشيء الخطأ وربما أدهي وأمر وأشر. لذلك نحن أمام دروس مستفادة من تجربة تونس والتي تتشابه ظروفها مع ظروف ليبيا وهي الأقرب لنا في كل شيء.

لا شك أن ليبيا أمام لحظة تاريخية مشابهة لتونس تتطلب منا فعل شيء قبل وقوع الواقعة، والتي قد تكون انفصال الكيان الليبي، أو عودة شبح الاحتراب خاصة في ظل وجود قوات أجنبية لا تريد أن تغادر ومن مصلحتها البقاء. اليوم وقبل غدٍ يتطلب الواقع تنازلات مؤلمة من جميع الأطراف؛ فالوضع خطير وأشباه الساسة يتنازعون المال المشاع والميزانية، وتاجر فاجر يُريد رفع الدعم وتخصيص شركات القطاع العام في غياب مشروع وطني جامع يمنع تشظي الكيان نفسه. هذا الكيان الذي يواجه تحديات كبرى من غياب الوعي بالهوية الليبية الجامعة إلى تفكك المؤسسات، والتدخل الأجنبي والخلاف على توزيع التنمية ومشروع اقتصادي يقوم على العدالة ويستفيد من ثروات هائلة تنضب وتتناقص مع الوقت.

نحن في مشهد أقرب إلى مشهد درامي شبيه بغرق سفينة "تيتانيك"، وهي تغرق بينما الحكومة تعزف الموسيقى الجنائزية، وهناك شخص يريد أن يبيع المشط قبل غرق الجميع فوق سفينة الوطن.

أما الحلول فهي بالتأكيد مؤلمة؛ منها الاتفاق على وحدة ليبيا والوصول بسرعة إلى توافق في قاعدة دستورية ومشروع اقتصادي والأهم خطوات سريعة مثل فتح المقاصة على مصارف المنطقة الشرقية ورفع العقوبات الجماعية على الناس وتحسين قيمة الدينار الليبي وتخفيض سعر الدولار أمام الدينار في ظل ارتفاع سعر النفط اليوم حتى يرتاح الناس، وتركيز الحكومة على الإعداد للانتخابات وعلاج كورونا وحل مشكل الكهرباء بدلاً من التركيز على مشروعات التنمية التي هي باب ذهبي للفساد.

الحل يبدأ من مشروع وخارطة طريق واصطفاف مجتمعي وراء المشروع وإلا فإنَّ الشعوب في حالة فيض الكأس لا تعد شعوبا عاقلة ومستعدة أن تخرق السفينة التي تحملها ونموذج عليَّ وعلى أعدائي،  خاصة نحن الليبيين المعرفون بطبيعة العناد.

** كاتب ليبي