عُمان.. عندما يكون للجمال عنوان

 

الشريف عاتق آل نامي *

* رحالة سعودي

أكتب حروفي هذه وأنا في طريق عودتي إلى معشوقتي طيبة الطيبة أجمل المدائن وأبهاها، بعد رحلةٍ لبلد يسلبُ الألباب، إنَّها سلطنة عُمان، إحدى الجواهر الخليجية التي تزين عقد الخليج العربي.

هي عُمان المكان الذي احتضنَ بطولات سطَّرها التاريخ بمداد من فخر، وهي عُمان البلد الذي بُني بسواعد الرجال حتى استوى بنيانه يعُجب الأحباب ويغتاظ به الحسَّاد.

"كلمات لله يا محسنين".. من يُسعفني بحروف أستطيع أن أستجمع بها قواي اللغوية لتصف مشاعري المتداخلة عن بلد أفاخر به وبأرضه وإنسانه، هل أصف عُمان البلد الجميل الذي تبدأ الانبهار به من مطاره العملاق الذي تمَّ تشييده على أجمل طراز؟ أم بعاصمتها مسقط التي تتجمل لزائريها في أبهى حلة؟ وأكثر ما يُميِّزها حديث كل زوارها: نظافة شوارعها، والتي تدل على رُقي أهلها وأناقتهم؟ أم بمدنها وأريافها التي باتت خلية نحل تبني وتشيد هنا هناك؟ هل أتحدث عن الجبال الشاهقة أم البحار الفاتنة أم عن عيونها الساحرة؟ قلاع في كل مكان وأسواق عتيقة تحكي رواية إنسان لم تغيره الحضارة أو تؤدلجه المدنية.

زُرت عُمان أخيرا برفقة عرَّابها السياحي الصديق الرحال الكويتي محمد الميموني، عاشق عُمان والباحث في كنوزها السياحية الثمينة، والرحال الإماراتي المبدع ناصر الصيعري؛ تلبية لدعوة كريمة لحضور ملتقى الرستاق للتصوير الضوئي، واندهشنا لما شاهدناه في سويعات.

هل تنتظرون أنْ أحدثكم عن جمال الصُّور المعروضة، هي كذلك جميلة وأخاذة؛ لأنها التُقطت بأيدي أبناء الرستاق الأفاضل، لكن ما أذهلني أنا وصاحبي الميموني والصيعري هو ذلك التناغم بين المنظمين، وذلك الانسجام بين أبناء الرستاق؛ حيث تجد الشيخ الثمانيني يتحدث مع الشاب العشريني بكل أريحية وبلغة راقية تتخللها ابتسامات محترمة، كذلك الحفل الخطابي لم يكن رتيبًا كالمعتاد؛ حيث كسر هذه الرتابة اللغة البليغة التي تحدث بها أبناء الرستاق، وأجزم أن كل المتحدثين لم يبلغوا الثلاثين بعد. تحدثوا بارتجال ولغة جميلة وواثقة، لم يُشبها أدنى لحن أو يتخللها تلعثم، حتى توقعت أنهم من خريجي كليات اللغة العربية أو أنهم تتلمذوا على يد أحمد شوقي أو عباس العقاد، واكتشفت أن دراستهم بعيدة كل البعد عن اللغة وعلومها.

كنتُ أستغرب تعلُّق صديقي وحبيب قلبي الرحال محمد الميموني بنزوى، وتردُّده عليها حتى بلغني نفثها وأصبت بهيامها. مَيزة تلك المنطقة تعدُّد الخيارات الجميلة بها، وكل بقعة تقدم نفسها على أنها أجمل من الأخرى، وتغازل مرتاديها وزوارها لتغتنم لحظات عشق معهم، والزائر المسكين لا يستطيع مقاومة ذلك الجمال فيُذعن مستسلما ومستمتعا.

يُمثل أهالي نزوى الإنسان العُماني بأبهى صوره وأجملها، ولا يمكن لك أن تزور نزوى دون أن تذوق حلوى السيفي، وهي من أجود أنواع الحلوى العُمانية، وسر الخلطة أن عائلة السيفي كِرام النفس والروح.

وأخيرا.. سر عُمان في أبنائها الذين يأسرون كلَّ من يعرفهم، ببساطتهم وعُمق تربيتهم وجمال أرواحهم، ولا أنسى الإشادة بالدبلوماسيين العُمانيين الذين يجمعني القدر بهم في رحلاتي الخارجية في دول العالم، وعلى رأسهم الدبلوماسي العتيد سعادة السفير محمد بن سالم الحارثي السفير العُماني بكوريا الجنوبية، وعميد السلك الدبلوماسي بها، وقد أحاطني برعايته وهو في العاصمة سيئول وأرسل لي أماكن عدة لزيارتها في عُمان، كذلك كان يتابعني في رحلتي الأخيرة في إفريقيا، ويرشدني لزيارة أماكن مهمة يتضمن بعضها شيئا من تاريخ العُمانيين.

رسالة حُب للأحبة شركاء الهواية والهوية في السياحة العُمانية، وأرجو منهم بذل مزيد من الجهود لتسويق هذا الجمال الرباني، وتسليط الضوء على ثنائية الجمال؛ والمتمثل في: تناغم الأرض والإنسان.

أكرر: حروف لله يا محسنين أصفُ بها جمال العُمانيين!

ومن هُنا، من أرض الحرمين والقداسات، أسأل الله أن يديم على عُمان نعمة الأمن والرخاء.

تعليق عبر الفيس بوك