الكلاب الضالة.. مسؤولية من؟!

 

د. عبدالله باحجاج

عنوان المقال يطرح قضية تشغل هذه الأيام الرأي العام في مُحافظة ظفار، لكن، ورغم ذلك، لم تتحرك أية جهة حكومية أو فاعلون منتخبون حتى الآن لحل هذه الظاهرة، هي ظاهرة كونه يمكن مشاهدة الكلاب الضالة في مناطق مُتعددة، وليس داخل منطقة واحدة، يقابلها، صمت عام تجاه قضية خطيرة، تتعلق بانتشار الكلاب الضالة، ويخشى أن يكون بعضها مسعورا، وتستهدف البشر وحيواناتهم.

وإن لم تكن كذلك، فنباحها يُثير الإزعاج والخوف في بعض المناطق في صلالة، وبسببها أصبح البعض يتجنب ممارسة المشي ليلاً خشية التعرض لهجوم من هذه الكلاب الضالة التي يتزامن انتشارها مع انتشار الجراد الذي غزا البيوت، وخاصة ليلاً، وكذلك ظاهرة الحمير، فماذا وراء مثل هذه الظواهر؟ ولماذا الآن؟ ولماذا لم تقم أية جهة حكومية معنية بمثل هذه الظواهر خاصة الخطرة منها، بدورها؟ ينصب تركيز الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على المجلس البلدي بالتَّدخل، لكنه، كالعادة، يبدو أنه منشغل منذ فوزه في الانتخابات بما هو أكبر من مثل هذه الاهتمامات المُجتمعية، فمتى سترى النور؟ ربما بُعيد الانتهاء من فترته الحالية التي لم يتبق عليها سوى القليل، هكذا يبدو لسان حاله، وهكذا يجعلنا نصدر هذا الحكم في ظل ما اطلعنا عليه من تقليدية أدائه، ونمطية تفاعلات أعضائه مع مثل هذه القضايا، حتى نسي البعض، أنهم يمثلون المجتمع رغم أنه يفترض أن يكون هاجسهم الأكبر الرضا الاجتماعي الذي أوصلهم إلى المجلس البلدي عبر صناديق الاقتراع، ولو مارس المجلس البلدي دوره، لحرك الجهات المُختصة فورا، لكن، هل ينبغي أن يكون هناك من يدفع هذه الجهات إلى تأدية عملها؟ نوجه هذه القضية إلى المؤسسات الحكومية في محافظة ظفار المعنية بمثل هذه الظواهر، فمن الجهة المعنية مباشرة بها؟ قيل لنا إنها تعني حصرياً وزارة البيئة والشؤون المناخية رغم أننا كنَّا نعتقد مشاركة وزارة الزراعة والثروة السمكية أيضاً، وكذلك مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار المسؤول عن النطاق الترابي للمحافظة، فماذا يمنعها حتى الآن من حل هذه الظاهرة؟ إذا كانت تنتظر حتى تفترس هذه الكلاب البشر كما حدث سابقاً في مُحافظة مسقط، فكل المؤشرات تُرجح هذا الاحتمال، فهذه الكلاب الضالة إذا لم تجد ما يسد جوعها وعطشها، فلن يكون أمامها خيار سوى التعرض لأي شيء قد تجده أمامها، فقد تجد صبياً أو شابًا يلعب في الشارع أو رجلاً ذاهبا للمسجد أو امرأة تمارس رياضة المشي.. عندها ستتحرك هذه الجهات مدفوعة بضغط الضحية الذي سيكون وراءه رأي عام غاضب.

من أين جاءت هذه الكلاب حتى تبرز هكذا فجأة؟ للعلم، يمكن رصد مثل هذه الظواهر منذ إعصار مكونو وعاصفة لبان.. فهل هذا يعني أنَّ هذه الكلاب قد نزحت من البر إلى المدينة؟ كما أننا نستدعي كذلك بروز تربية الكلاب مؤخرًا، وخروجها مع أصحابها في بعض الأمكنة العامة دون الالتزام بشروط حملها في الأمكنة العامة، كالشواطئ وممرات المشي، فهل عندهم ترخيص؟ وهل أصحاب هذه الكلاب قد تخلصوا منها؟ تساؤلات نطرحها في إطار محاولاتنا وضع هذه الظاهرة في سياقات أسبابها ومسبباتها، وإذا كان لم يسجل في محافظة ظفار أية حالة هجوم على البشر من قبل هذه الكلاب حتى الآن، فمن المؤكد أن حالة الرعب التي تحدثها بين الناس، وما قد تسببه من حوادث سير ونشر للأمراض، يحتم الاستعجال في حل هذه الظاهرة فورا، وكلما يزداد عطش وجوع هذه الكلاب، كلما سيتصاعد خطرها، وبالذات خطرها الصحي على البشر، وقد حدد الأطباء عشرة أمراض معدية تنتقل من الكلاب إلى البشر، وتشكل خطرا كبيرا على الإنسان والصحة العامة، مثل داء الكلب (السعار) وغيرها من الأمراض، والتي قد تكون فيروسية أو بكتيرية أو طفيلية أو فطرية، فضلاً عن أنها قد تهاجم الأغنام والماعز في المزارع محدثة خسائر اقتصادية.

ونستدعي تلكم المخاطر الناجمة عن الكلاب الضالة بصرف النظر عن أنها مسعورة أم لا، فكيف لو كانت مسعورة، بهدف حث الجهات المسؤولة على الإسراع بحملة متعددة الجهات لحل هذه الظاهرة فورًا قبل فوات الأوان، ولا ندعو هنا إلى إطلاق النار عليها، ولا القتل الرحيم، ولا حتى تسميمها، فإطلاق النار عليها فيه من العنف المرفوض في ذاته، وهو خيار كذلك، قد يضعنا في مواجهة مع جمعيات الرفق بالحيوان، وخيار تسميمها، لم يثبت نجاعته في دول أخرى، بل العكس، فقد أدى إلى تلوث بيئي نتيجة تحللها ونفوقها في أماكن يصعب الوصول إليها، والحل الأمثل، يكمن في تجميعها في مكان واحد عبر توفير ملاجئ لها، واستخدامها في مشاريع البحث العلمي سواء في بلادنا أو إرسالها لدول تهتم بالبحث العلمي، وكذلك العمل على الحد من تكاثرها، هل ستتحرك الجهات المُختصة سريعاً أم تنتظر ضحية الكلاب الضالة؟ رؤيتها بالأعداد تجوب الأحياء، مشهد غير حضاري، ونباحها بالليل مزعج، ومخيف للأطفال، وكلما تحاول قطع الشارع، فهذا معناه مشروع حادث مروري – لا قدر الله – كل الاحتمالات قائمة بالإضافة إلى ما سبق ذكره، فماذا أنت فاعلة يا وزارة البيئة؟ بيدك القرار، ومنه يمكن تحريك بقية المؤسسات.