نموذج الاستثمار في الابتكار البحريني في المؤتمر العالمي الصيني (2-2)

عبيدلي العبيدلي

 

ونجد الأفكار التي أثارها المؤتمر في أذهان وعقول من شاركوا في الحوارات التي دارت في جلسات موازية، مركزين على قضيتين مركزيتين: الأولى مهما تسبر أغوار العملية التعليمية من زاويتي الابتكار والإبداع، أما الثانية فهي دور التطور الذي يشهده الذكاء الاصطناعي (Artificial Inelegance) وانعكاس ذلك على السلوك الاجتماعي.

وبالنسبة للقضية الأولى، وهي العملية التعليمية، وعلاقتها بعمليتي الابداع والابتكار، لا بد قبل التوقف عند ما كتب في هذا المجال في نطاق التمييز بين الإثنين؛ فهناك الكثير ممن يرون فيهما عملية واحدة تكاد تصل إلى درجة التطابق، في حين هناك فوارق نوعية وبنيوية بين الإبداع والابتكار. فبينما الإبداع كما يقول الكاتب نور عادي "يتمثل في القدرة على إيجاد فكرة غير عادية، وهو ناتج عن المخيلة، ومن الصعب قياس نسبة نجاحه، ويقود إلى ولادة لأفكار جديدة، ولا تحتاج عملياته إلى تكاليف مالية، ولا يخشى من يمارسه من لوقوع في المخاطر". نجده في السياق ذاته يرى أن الابتكار هو "القدرة على تنفيذ الأفكار بأسلوب محدث غير عادي، وهو نتاج العمليات الإنتاجية، ومن الممكن قياس درجة الابتكار ونسبة نجاحه؛ حيث إنّه يتعلّق بالإنتاج. ومن ثم من الممكن إيجاد شيء على أرض الواقع يكون جديداً وفريداً مثل السلع في السوق أو الخدمات. وبما أنّ الابتكار يتمثل بعمليات التنفيذ، فمن الطبيعي أن يحتاج إلى تكاليف مالية. وبالتالي، هناك احتمالية للوقوع في المخاطر، كفشل تنفيذ الفكرة الابتكارية".

وقد شددت جلسة الابتكار في التعليم على قضايا كثيرة من بينها، ضرورة الربط بين بناء المنصة التعليمية الكفؤة القادرة على التأسيس لنظام بيئي (Ecosystem)، في وسعه احتضان المشروعات المبتكرة وأصحابها، وبين ازدها الابداع والابتكار في المجتمع المعني. ويمكن في هذا الصدد العودة إلى نهج اليونيسف حيال الابتكار في التعليم، الذي يحدد ذلك في خمس خطوات رئيسة هي:

- المسح؛ بتحديد التدخلات الواعدة في مجال التعليم.

- التقدير؛ باختيار المشروعات التي تستند إلى الخبرة، وتعمل بطريقة مستدامة وفعالة من حيث التكلفة.

- الاحتضان؛ من خلال تقديم المعاونة الفنية والتمويل والدعم.

- تقييم النتائج والأثر.

- تبادل التعلم؛ سواء من النجاح أو الفشل.

وفي هذا النطاق، توقف المشاركون في هذه الجلسة حول المعيقات الأساسية التي تقف عقبة في وجه العديد من المؤسسات التي حاولت أن تمزج بين البيئة التعليمية، وتلك الابتكارية التي بوسعها إيجاد الإطار المناسب الذي يساعد رواد الأعمال الشباب على إزالة العقبات التي تقف في طريقهم. وسلط المشاركون في هذه الجلسة الأضواء على النقاط التالية:

* أساليب النجاح الحصول على أفضل النتائج من التعليم المهيأ للابتكار، وطرق الربط بينا وبين تحرير العملية التعليمية من جدران المدرسة، وفترات قضاء الوقت فيها. فالابتكار والابداع المرتبط برواد الأعمال يتجاوزان حدود المدرسة المكانية، وحدود الجدول المدرسي الزمني. فالابتكار، ومعه رديفه من رواد الأعمال، متمردان بالضرورة على حواجز الزمان والمكان.

* رغم أهمية التمويل، وتوفير رأس المال الضروري لإنجاح النظام التعليمي القائم على الابتكار، لكن العامل الحاسم في هذه العملية هو الرأسمال البشري، والذي هو في هذه الحالة رائد الأعمال المعني بتلقي العملية التعليمية.

* ضرورة الربط المبدع، وليس الميكانيكي الجامد، بين المشروعات المبتكرة التي ينتجها رواد الأعمال، وبين السوق التي هي في أمس الحاجة لها. مثل هذا الربط ينبغي أن يتحلى بالديناميكية و"الرشاقة" الضروريتين كي يتسنى للمبتكرين تجاوز الأشكال التقليدية، سواء في التمويل أو الترويج، او حتى الإنتاج، لضمان الجودة، والسرعة، والتطوير. وفي غياب ذلك تفقد العملية التعليمية قدرتها على تلبية احتياجات رواد الأعمال المبتكرين ممن يفدون على مؤسساتها. الجلسة الثانية كانت مُنصبَّة على مسألة الإبداع في نطاق تقنيات الذكاء الاصطناعي (Artificial Inelegance)، باستخدام الروبوتات المتطورة، دون إغفال الجوانب الاجتماعية لتلك العمليات. وعلى مستوى الاستخدامات الإبداعية في مجال الروبوت، كان هناك وقفة علمية، غنية بالمعلومات، ومفيدة في آن حول القضايا التي لا يستطيع الروبوت القيام بها؛ مثل:

1- لا يمكن للروبوت أن ينظر إليك مباشرة في العينين.

2- قراءة صحيحة لمشاعر الشخص الآخر والاستجابة الصحيحة لها وفقا لذلك.

3- جعل الشخص يشعر بالحاجة للاستجابة للنظر أو الاستماع.

4- تبادل العواطف بعد الشعور بها.

5- جعل الشخص يشعر بأنه محط الاهتمام.

6- فهم النوادر والتفاعل معها، وتبادل أجوائها.

7- مد جسور القة مع أفراد المجتمع الذي ينشط فيه.

8- إتقان التفكير النقدي، وتطويره إلى سلوكي إبداعي قادرة على مخاطبة العقول العظيمة الخلاقة.

9- صياغة الأخبار السيئة؛ مثل تلك التي تحدث في المستشفيات على نحو دقيق ومفهوم.

10- تراجع حصة فرص العمل التقليدية لصالح أخرى أكثر ذكاء، وأعلى جدوى إنتاجية.

11- إحداث تغيير نوعي في جذور السلوكيات البشرية.

112- وضع قواعد ولوائح اجتماعية جديدة تتناسب ودرجة التطور التي يحدثها الذكاء الاصطناعي في المجتمع المحيط. وهي قواعد ديناميكية في طريقة أدائها ودرجة تطورها.

13- تحسين أجواء العمل، بما يتناسب والتطورات التي يستحدثها الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل.

14- إعادة هيكلة العلاقات الدولية، كي لا تتنافر مع قوانين منصة بيئة العلاقات الدولية الي سيفرضها التطور المتوقع في أداء الأنظمة والأدوات العاملة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

15- أنسنة النظم التعليمية، وتقليم أظافر الظواهر المتخلفة فيها، والتي من شأنها إعاقة الابتكار والإبداع.

16- تحويل وسائل، وقنوات التواصل الاجتماعي، من خلال التحولات الإيجابية النوعية التي ستفرضها منصات التواصل الاجتماعية المبنية بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

17- تقليص الآثار السلبية التي تفرضها الحواجز التي يقيمها الوقت الفاعل في النظم التقليدية التي لم تصلها تقنيات الذكاء الاصطناعي.

18- عولمة اللغة، بعد إزالة الحواجز التي فرضتها تقنيات التعامل باللغات المستخدمة.

19- العمل على إزالة الخلافات التي يصل بعضها إلى نزاعات بسبب التباين في قيم وأسس تلاقح الحضارات

مراجعة دقيقة لكل ما ورد أعلاه، تثبت أن النموذج البحريني الذي سبقت الإشارة إليه، يمكن أن يشكل نقطة انطلاق عالمية نحو عالم من الابتكار يفتح آفاقا جديدة لا محدودة امام رواد الأعمال، على وجه الخصوص الشباب منهم.