المؤتمر الدولي لتقنيات التعليم

 

سيف المعمري

المؤتمر الدولي الرابع لتقنيات التعليم (ICOET) الذي ركز على تمكين التكنولوجيا التربوية: ما وراء الحداثة ودعم المبتكرات، ونظمته الجمعية العُمانية لتقنيات التعليم (OSET) وبدعم من المؤسسات الحكومية والخاصة، وأقيم خلال الفترة من السادس عشر وحتى الثامن عشر من ديسمبر الجاري في كلية الشرق الأوسط بواحة المعرفة مسقط اكتسب -من وجهة نظري- أهمية نوعية على أكثر من مستوى، ففكرة عقد المؤتمر بحد ذاتها تمثل ضرورة ملحة؛ لكونها تطرح مواضيع معاصرة في مجال تكنولوجيا التعليم والاتصالات، والتي أصبحت عصب الحياة والموجه نحو التنمية البشرية التي تمثل المحرك الرئيس لعجلة التقدم الاقتصادي والسياسي والانسجام المجتمعي والأمني في ظل الطفرة المتسارعة في عالم التكنولوجيا ووسائل ووسائط التواصل والاتصالات، وهو الأمر الذي لم يغفل عنه المؤتمر فكانت من ضمن المحاور المطروحة في أوراق وجلسات عمله ما يتعلق بدور تكنولوجيا التعليم في تعزيز التعددية الثقافية والعولمة، والمسائل الأخلاقية في التطبيق والاستخدام، بالإضافة إلى تكنولوجيا التعليم والجدوى الاقتصادية، والملكية الفكرية في بيئات تكنولوجيا التعليم، ومؤسسات بناء المجتمع والهيئات الاجتماعية وغيرها من المحاور.

أمّا الأهمية الأخرى لعقد المؤتمر فتتمثل في رمزية المكان المنعقد فيه، والذي كشف عن حيثياته الدكتور علي بن شرف الموسوي رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية لتقنيات التعليم ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر لعام 2017 في كلمته في افتتاح المؤتمر، حيث إنّ الجمعية وهي تطفئ شمعتها العاشرة من تأريخ التأسيس، وقعت مذكرة تفاهم مع كلية الشرق الأوسط لاحتضان مؤتمرات وبرامج وأنشطة الجمعية خلال الفترة المقبلة، فموقع الكلية ضمن مجموعة من المؤسسات الأكاديمية في واحة المعرفة مسقط تمثل توأمة في البيئات العلمية الحكومية ممثلة بهيئة تقنية المعلومات والبيئات الخاصة ككلية الشرق الأوسط وكلية ولجات والمؤسسات الأهلية كالجمعية العُمانية لتقنيات التعليم وبمنطلقات عصرية أيقونتها التكنولوجيا والاتصالات.

أمّا الأهمية الثالثة، فإنّ المؤتمر، أتاح المجال لمشاركة الأكاديميين والتربويين من داخل السلطنة وخارجها بتقديم الورش وأوراق العمل والبحوث والتجارب التجريبية في بيئات التعلم الحديثة، كما أتاح المجال لحضور أوراق العمل لأكثر من 300 أكاديمي وتربوي من السلطنة وخارجها، وما يثلج الصدر ما كشف عنه المؤتمر من الكفاءات العُمانية في مجال توظيف تكنولوجيا التعليم والبحوث التطبيقية التي أجراها عدد من الأكاديميين والتربويين في المجالات الإشرافيّة والتدريبية والتعليمية لبيئات التعلم في السلطنة، مما يضع المؤسسات الأكاديمية والتربوية ومجلس البحث العلمي ومجلس التعليم وغيرها من المؤسسات، أمام مسؤولية الاعتناء بأولئك الباحثين والأخذ بأيديهم، وتبني دراساتهم وبحوثهم لتطوير منظومة التعليم في السلطنة بجميع مراحلها.  

أمّا الأهمية الرابعة للمؤتمر، وبالإضافة إلى كل ما ذكر آنفا، فمن بين أكثر المواضيع التي شغلت حديث المشاركين والحاضرين بجلسات المؤتمر، تلك التجربة النوعية الرائدة التي تضع السلطنة ضمن الدول العصرية في مجال توظيف تكنولوجيا التعليم بشكل مثالي، ويستحق أن يشار إليه بالبنان على المستوى المحلي بل وعلى المستويين الإقليمي والدولي، وأعني بذلك "مركز التعلم عن بعد" www.el-css.edu.om بكلية العلوم الشرعية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وهو برنامج معتمد من وزارة التعليم العالي، والحاصل على عضوية المجلس العالمي للتعليم المفتوح والتعليم عن بعد( ICDE)، ومنذ تأسيسه عام 2013 وحتى العام الدراسي الحالي بلغ عدد الدراسين بالمركز 5000 دارس ودارسة من الموظفين والمتقاعدين وربات البيوت من داخل وخارج السلطنة، وهو يمنح شهادة علمية معتمدة عالميا في دبلوم العلوم الشرعية، بكالوريوس الفقه وعلومه، بكالوريوس الدراسات الإسلامية، ويوظف أحدث التقنيات الحديثة في أدوات التعلم عن بعد.

إن خلاصة ما أنتهى إليه المؤتمر من توصيات تمهد الطريق لجميع المؤسسات الأكاديمية والتربوية في السلطنة لبناء استراتيجية واعدة في مجال توظيف التقنيات الحديثة في مجال تكنولوجيا التعليم، والاستثمار الأمثل لتلك الأدوات العصرية في تعزيز مسيرة النهضة التعليمية التي تعيشها السلطنة منذ أربعة عقود ونصف، والعمل مع المراكز الأكاديمية الإقليمية والدولية لتعميم الاستفادة من مبادرات التعليم الإلكتروني، والتشارك في المصادر، وتفعيل دور المقررات الإلكترونية وبيئات التعلم الإلكتروني في مراحل التعليم والاستفادة من تطبيقات الويب في عرض ونشر المقررات التعليمية على الشبكة، ونشر ثقافة الحقوق الرقمية عبر شبكات التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للمجتمع التعرف عليها..

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت.

Saif5900@gmail.com