شكرًا.. لفريق حفظ النعمة بالبريمي


سيف المعمري

يشهد العمل التطوعي في السلطنة تطوراً نوعيًا من خلال توسع مجالاته وتنامي أعداد الفرق التطوعية ومنتسبيها، كما يحظى العمل التطوعي بالاهتمام السامي لعاهل البلاد المفدى -حفظه الله ورعاه- والذي ترجم بتخصيص جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي؛ إيمانا من جلالته بأهمية الدور الذي يقوم به المواطن في خدمة مجتمعة والمشاركة الفاعلة في تعزيز قيم التعاضد والتكافل والتراحم، وقد قدمت الفرق التطوعية في السلطنة نماذج رائعة في سمو العمل التطوعي ونبله وخدمة الآخرين بلا مقابل، والتعلق بمجالاته المختلفة والمشاركة في تقديم خدمات وبرامج وأنشطة مجتمعية متنوعة، استكمالا لما تقدمه المؤسسات الحكومية للمجتمع.
ويعد فريق حفظ النعمة بالبريمي من الفرق التطوعية التي تفردت بخدمة نوعية للمجتمع، والذي دفعتهم إليها قضية مجتمعية مزعجة تطلبت الوقوف حيالها ببث رسائل للوعي المجتمعي بطريق توعية بعيدة عن النمطية المعتادة في مثل تلك الرسائل، وهي تعمق في نفوس أبناء المجتمع نبذ الإسراف والتبذير في المأكل والمشرب امتثالا لقوله تعالى:" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) سورة الأعراف.
وقد تأسس الفريق في ولاية البريمي في عام 2012، وتزامنا تأسيسه في شهر رمضان المبارك، حيث جاءت فكرة التأسيس من رغبة مجموعة من الشباب للمشاركة والمساهمة في خدمة مجتمع الولاية بفكرة نوعية، بعيدة عن النمطية التي عرفت عنها الفرق التطوعية في جمع الأموال النقدية والعينية وتوزيعها على مستحقيها، إلى فكرة تعالج قضية يعاني منها المجتمع وهي الإسراف والتبذير في المأكل والمشرب، وخاصة في شهر رمضان المبارك وما تصاحب الموائد الرمضانية وخاصة في الإفطار من التبذير وهدر الكثير من الأموال لإعداد تلك الموائد، والتي يذهب النصيب الأوفر منها إلى حاويات القمامة.
وقد اقتصر عمل الفريق خلال الأربعة الأعوام الأولى منذ التأسيس على شهر رمضان المبارك، وتمثل دوره بجمع الطعام الزائد عن الحاجة من قبل الأسر بالولاية، وإيصاله لموقع تجمع الفريق المعلن للجمهور أو التواصل معهم لاستلامه، والقيام بعملية الفرز والتأكد من صلاحيته للاستخدام الآدمي وهو ما عرف بطبق "نعمة"، وما لم يكن صالحا يتم تحويله إلى "نفعية" للمواشي والدواجن، وبالنسبة لطبق "نعمة" فيتم تجهيزه في أطباق صحية وتوزيعه على العمال الوافدة والطلبة في السكنات الجامعية في الولاية، مع حث الأسر على ضرورة ترشيد طهي الأطعمة خلال الشهر الكريم، وقد واجه الفريق تحديات كبيرة والتي تمثلت عدم تقبل الفكرة في البداية من المجتمع، ثم عدم استساغة توزيع الزائد من الطعام على الآخرين.
وقد رافق عمل الفريق - والذي لم يتجاوز عدد أفراده 14 عضوًا من الجنسين- القيام بحملات توعوية وتوزيع المنشورات بالحث على ترشيد طهي الأطعمة المنزلية، وأن تكون بمقدار أفراد الأسرة، وأن يتم التخلص بما زائد منه بطرق صحيحة أما لتوزيعه على الجيران والأقارب وكذلك توزيعه على العمالة الوافدة في المحلات والمباني التجارية القريبة منهم وفي مواقع الانشاءات وعمال النظافة.
وبعد استيعاب المجتمع في الولاية لفكرة عمل الفريق وتعاونهم معه، فقد انتقل عمل الفريق منذ رمضان العام الماضي ليتواصل عمله طوال أيام العام، وبتكاتف وبتعاون الفرق التطوعية الأخرى بالولاية وخاصة في شهر رمضان المبارك، وتوسع عمله من خلال تواجد أعضاء الفريق والتنسيق مع الفنادق والمطاعم وقاعات الأفراح في حث المتعاملين معهم بترشيد إعداد موائد الأفراح، وتبصيرهم بحجم الطعام الزائد الذي يتم التخلص منه بعد كل مناسبة.
كما قام أعضاء الفريق بعمل استبيانات وتوزيعها بين الجمهور والتي رصدت فيها أرقاما مزعجة من أطنان الطعام التي يتم رميها في حاويات القمامة عقب انتهاء حفلات الأعراس، والتخمة التي ولدتها تلك الأطنان حتى لأصحاب المزارع الذين كانوا يتعاون مع الفريق للاستفادة من لإطعام المواشي والدواجن.
وقد توج الفريق عمله بحصوله على المركز الأول في النسخة الثانية 2016م، من مسابقة الفرق التطوعية التي نظمتها مجموعة "نماء" وبالتعاون مع الشبكة العُمانية للمتطوعين "تعاون" ضمن مشروع "وياكم"، كما حصل فريق حفظ النعمة التطوعي بالبريمي على المركز الثاني في مجال الأعمال التطوعية وخدمة المجتمع في النسخة الرابعة من جائزة الرؤية لمبادرات الشباب لعام 2016م.
ولتوسيع الرقعة الجغرافية للفريق، والتعريف بالدور الذي يقوم به لخدمة المجتمع، وحث أبناء المجتمع لمكافحة ظاهرة التبذير والإسراف في المأكل والمشرب، فقد تم تدشين قافلة حفظ النعمة مطلع العام الجاري، وقد انطلقت القافلة من كلية البريمي الجامعية لتطوف أثنتا عشرة محطة في سائر محافظات السلطنة، وكانت محطتها الثانية في جامعة صحار، كما تم تدشين فرع جديد للفريق بولاية أدم بمحافظة الداخلية، وهناك نية لإعلان فروع جديدة بولايات أخرى خلال الفترة المقبلة.
وفريق حفظ النعمة بالبريمي يتطلع لتنامي الوعي المجتمع بالحفاظ على نعمة المأكل والمشرب، وعدم الإسراف والتبذير، وأن يكون كل فرد مسؤولا عن ذلك، وألا يعفي رب كل أسرة مسؤوليته من توجيه أفراد أسرته، كما يتطلع الفريق إلى قيام مؤسسات القطاع الخاص بدعمه وتحويله إلى مؤسسة غير ربحية للقيام بالتخلص من الطعام غير الصالح للاستخدام الآدمي أما لإنتاج وقود حيوي أو أنتاج إعلاف حيوانية، مع تأكيد الفريق للمجتمع بأن أولويّته هو الحث على عدم وجود فائض من الطعام عند كل فرد، فشكرًا.. لفريق حفظ النعمة بالبريمي على هذا العمل الجبار.
فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،

Saif5900@gmail.com