فايزة سويلم الكلبانية
تابعنا على مدار 4 أمسيات رمضانية، الدور الرائد الذي تقوم به غرفة تجارة وصناعة عُمان خلال الشهر الفضيل من أجل تسليط الضوء على بيئة الأعمال في عُمان، وأجمل ما في هذه الأمسيات أن المتحدثين ومقدمي أوراق العمل هم من ذوي الشأن والاختصاص ومطلعين على جوانب العمل والبعض منهم صناع القرار؛ مما ساعد على إثراء الطرح وتنوع المعلومات، والأكثر إيجابًا ما شهدته هذه الأمسيات من حضور من المهتمين من المسؤولين ورواد الأعمال والشباب وممثلين القطاع الخاص وكانت فرصة للتوعية والتثقيف حول الكثير من متعلقات المواضيع المطروحة وتوضيحها للجمهور والنقاش فيها بشكل مستفيض.
لقد جاءت الأمسيات مواكبة لمتطلبات بيئة الأعمال واستدامة أعمال القطاع الخاص، حيث ناقشت هذه الأمسيات محاور تنظيم سوق العمل من خلال حوار أطراف الإنتاج الثلاثة ودور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز برامج النمو الاقتصادي بسلطنة عُمان، إضافة إلى مناقشة دور صندوق عُمان المُستقبل والتعريف به كمُحفز وممكن رئيسي لبرامج النمو والتنويع الاقتصادي، وأيضاً تسهيل إجراءات التقاضي والبت وتنفيذ الأحكام التجارية في ظل تقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمسؤولية الجزائية في قانون الشركات التجارية.
وقد تابعت باهتمام كبير مجريات أمسية "صندوق عمان المستقبل.. ودوره كمحفز وممكن رئيسي لبرامج النمو والتنويع الاقتصادي"، وما تخللها من أوراق أعمال مثرية، والتي أدارها الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد كشوب، بمشاركة راشد الهاشمي مدير أول استثمارات صندوق عمان المستقبل، والدكتور يوسف البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستشارات والدراسات، وقيس التوبي المشرف العام لبرنامج الشركات الناشئة العمانية الواعدة بهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وقدم راشد بن سلطان الهاشمي مدير أول استثمارات صندوق عُمان المستقبل ورقة عمل بعنوان "صندوق عُمان المستقبل.. شريك استثماري موثوق"، أجاب خلالها على كثير من الاستفسارات التي تدور في اذهان المتابعين والمهتمين، ومن ضمنها آلية اختيار المشاريع والاستثمار الذي يتم من خلال الشراكة والإقراض حيث "إنه في المشاريع المحلية المباشرة أقصى نسبة يمكن أن يتملكها الصندوق في المشروع هي 40% مع التركيز على استثمارات رأس المال الأولي (فرص النمو) وحجم الاستثمار من 5 ملايين إلى 100 مليون ريال عُماني. وفي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، يتم التمويل عبر الشراكة ورأس المال الجريء من خلال تملك حصص عدم أغلبية والتركيز على الاستثمار في رأس المال المخصص لتحقيق النمو والتوسع للمشروع حيث يصل حجم الاستثمار إلى 5 ملايين ريال عُماني".
الأمسية كشفت للحضور أن تحديات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتباين بين التمويل والتسويق والإدارة، وأن هناك خدمات تقدمها الجهات المعنية للتغلب على هذه التحديات، ولكن الجدوى الاقتصادية للمشروع من المعايير الأساسية للحصول على التمويل.
ولعل أبرز ما تطرقت له الأمسية الحديث عن آليات اختيار المشاريع وتقيمها بين العوائد الربحية والتنموية؛ حيث إن تقييم المشاريع لا يجب أن يقتصر على التحليل المالي، بحيث تكون النظرة مقتصرة على البعد المالي لتقييم المشاريع (النظرة التجارية البحتة للمستثمر)، وإنما كذلك لا بُد من قياس البعد الاقتصادي المتمثل في مدى مساهمة المشروع وتوافقه مع توجهات الخطط التنموية وآثاره المتوقعة على رفاهية أفراد المجتمع ومدى تحقيق الأهداف الوطنية، المتمثلة في خلق فرص عمل للمواطنين وتعزيز دورة الإنتاج المحلي وزيادة القيمة المضافة، وتعزيز الصادرات وتحسين ميزان المدفوعات وتوطين التكنولوجيا.
المضامين الثرية للأمسية تعززت بكلمة قدمها قدم قيس بن راشد التوبي المشرف العام لبرنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة بهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي استعرض خلالها مستهدفات الهيئة في تحقيق رؤية "عُمان 2040"، خاصةً في أولوية القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي وزيادة قيمة تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مصادر تمويلية متعددة غير تقليدية مثل التمويل البديل والتمويل الجماعي والتمويل الملائكي ورفع نسبة تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي القروض التجارية ومتابعة تأسيس صندوق لضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال الجهات المختصة وبدعم من الحكومة والقطاع الخاص ورفع نسبة عقود المشتريات والمناقصات الحكومية الممنوحة للشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي عقود المشتريات والمناقصات الحكومية المطروحة من قبل مجلس المناقصات وجهاز الاستثمار العُماني.
ختامًا.. لقد أسهمت الأمسيات الرمضانية التي نظمتها الغرفة في تقديم أطروحات مُثرية ونقاشات مُهمة، غير أننا نأمل أن يتزامن مع هذه المناقشات والمداولات حراك سريع على أرض الواقع، يلبي الاحتياجات وينفذ التوصيات التي قد تصدر عن هكذا لقاءات، مع معالجة أي اختلالات تعرقل نمو القطاع الخاص، كي تواصل بلادنا الحبيبة مسيرة التعافي الاقتصادي ونستطيع جذب المزيد من الاستثمارات، لينعم بها الوطن ويحيا في رخاء وسؤدد.