نحو إنشاء هيئة عامة للتسويق الزراعي والحيواني

 

سيف بن سالم المعمري

تفاعل المجتمع العُماني على وسائل التواصل الاجتماعي، مع موضوع مُتبقيات المبيدات في المنتجات الزراعية، وشغل مساحات واسعة في طرح وسائل الإعلام المحلية من إذاعة وصحافة وتلفاز؛ بعدما أحدثه الإعلان عن وقف استيراد دولتي الإمارات العربية المتحدة وقطر لبعض المُنتجات الزراعية العُمانية ومن دول أخرى؛ نتيجة وجود متبقيات المبيدات بمستويات أعلى من المسموح بها وفقاً للمعايير المعتمدة لدى دولة الإمارات، وحتى يتم سحب عينات من تلك المنتجات الزراعية وتحليلها لمتبقيات المبيدات في دولة قطر، رغم نفي السلطنة صحة المعلومات حول منتجاتها الزراعية، والتي أصدرت بموجبها وزارة الزراعة والثروة السمكية مطلع الأسبوع الماضي بياناً أكدت فيه "خلو محاصيلها المصدرة من مُتبقيات المبيدات وأن التحاليل أثبتت أن نسبة 98% من العينات مطابقة للحدود المسموح بها دولياً، وذلك بعد تحليل أكثر من 1600 عينة من المزارع الإنتاجية، مؤكدة بأنَّ المنتجات الزراعية العُمانية تحظى بسمعة عالمية جيدة نتيجة لالتزام منتجيها بالممارسات الصحيحة، ويتم تصديرها لبعض الدول التي لديها اشتراطات صارمة كاليابان وبعض الدول الأوروبية".

ولعل موضوع متبقيات المبيدات في المنتجات الزراعية يفرض نفسه على الجهات المعنية للوقوف على تبعاته الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وعطفاً على تأكيدات وزارة الزراعة والثروة السمكية، فلو لم تكتشف دولتا الإمارات وقطر تلك المتبقيات، هل ستتحرك الوزارة وتشدد رقابتها على المزارع المنتجة، وحتى لو جاءت التأكيدات بمُطابقتها للحدود المسموح بها دولياً، فهل باستطاعة الوزارة إقناع الجهات المختصة في تلك الدولتين برفع الحظر عن منتجاتنا الزراعية في أسواقها؟! ولو استمر حظر منتجاتنا الزراعية في أسواق تلكم الدولتين وربما دول أخرى، فما هو حجم تأثيره الاقتصادي والاجتماعي على المزارعين في السلطنة. وماذا عن الرقابة على المنتجات الزراعية المحلية وغير المحلية في أسواقنا؟.

إنَّ الضبطيات المُتعددة التي تقوم بها الهيئة العامة لحماية المستهلك والبلديات والجهات الأخرى بجميع محافظات السلطنة من انتهاء صلاحية الكثير من المواد الغذائية، وعدم صلاحية الكثير منها للاستخدام الآدمي كاللحوم والدواجن والأسماك الفاسدة ونحوها بالإضافة إلى متبقيات المُبيدات في منتجاتنا الزراعية وخاصة الموسمية، وما تشير إليه الإحصاءات الصحية بأنَّ السلطنة تواجه ارتفاعًا في حالات السرطان تصل إلى الضعف خلال الفترة من 2008 إلى 2020 لازدياد عدد كبار السن وازدياد المخاطر والعوامل المسببة للسرطان، كلها عوامل تستوجب حزماً في الإجراءات مع كل من تسول له نفسه تعكير معيشة الناس.

وإن كُنت على يقين في أن الحل في القضاء على تلك الممارسات لا ترتبط في كل الأحوال بتعدد مسميات المؤسسات وهياكلها التنظيمية، بقدر ما هي بتكامل الأدوار والبعد عن البيروقراطية وتحمل المسؤولية، لذا فإنَّ المرحلة المقبلة تتطلب إنشاء هيئة عامة لتسويق المنتجات الزراعية والحيوانية وفق ما كان موجودا في عقدي الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، والتي كانت هيئة مستقلة بالتسويق الزراعي، على أن تؤول للهيئة مسؤوليات وصلاحيات وزارات الزراعة والثروة السمكية والبلديات الإقليمية والصحة فيما يتعلق بكل تلك المنتجات من تنمية قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، وإدارة أسواق المنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية، ودعم العاملين في تلك القطاعات بالجوانب التأهيلية والتدريبية، وتسجيلهم في سجلاتها من حيث أنواع المنتجات الزراعية ومساحتها وحجم الإنتاج المتوقع في كل موسم، وأنواع الثروة الحيوانية وأعدادها بالإضافة إلى تقدير كميات الصيد، وأنواع الأسماك والأحياء البحرية في كل موسم.

 وأهم الأدوار التي ستتحقق للمُجتمع في إنشاء الهيئة استيعاب المُنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية التي يتم إنتاجها محليًا وحتى المستوردة والرقابة عليها ومُتابعتها بمختلف المراحل في جوانبها الصحية، وتمكين أصحاب المزارع والثروات في تلك القطاعات، واستيعاب أسواق الهيئة المحلية لمنتجاتهم وثرواتهم، وتحقيق اكتفاء ذاتي مطمئن يتناغم مع استراتيجيات الحكومة في تعزيز الأمن الغذائي، وضبط الأسعار، وتسويق الهيئة لتلك المنتجات إلى خارج السلطنة، وإعطاء إحصاءات دقيقة بصادراتنا ووارداتنا من تلك المنتجات والثروات.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

 

Saif5900@gmail.com