الدقم .. بوصلة الاقتصاد العُماني

 

سيف بن سالم المعمري

جاءت النسخة الرابعة من ملتقى المراسل الصحفي الذي أقيم خلال الفترة من الحادي والثلاثين من يناير وحتى الأول من فبراير الجاري، ونظمته جمعية الصحفيين العُمانية بالتعاون مع هيئة المنطقة الاقتصادية بالدقم؛ لتشكل حدثاً نوعياً عن الملتقيات الصحفية الثلاثة الماضية، حيث شهدت النسخة الرابعة من الملتقى مشاركة  70 مراسلاً صحفيًا من سائر مُحافظات السلطنة يمثلون مختلف وسائل الإعلام المحلية وبحضور سعادة علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام والمكرم حاتم بن حمد الطائي عضو مجلس الدولة رئيس تحرير جريدة الرؤية، وسيف بن سعود المحروقي رئيس تحرير جريدة عُمان، وعوض بن سعيد باقوير رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية وأعضاء مجلس الإدارة، كما إن إقامة الملتقى في ولاية الدقم بمحافظة الوسطى ساهم في إعطاء الفعالية زخماً إعلاميًا، وتهافت المراسلون الصحفيون من سائر محافظات السلطنة للظفر بفرصة المشاركة في هذه النسخة من الملتقى.

ولقد حفل برنامج الملتقى خلال النسخة الرابعة ببرنامج نوعي، أستهل ببرنامج الافتتاح والذي كان بمثابة بوصلة التعريف بالمشاريع الاقتصادية الواعدة التي تحتضنها ولاية الدقم، وحدد اللقاء المفتوح مع المختصين بهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ملامح المشاريع وخطط تنفيذها والرؤية الإستراتيجية للمنطقة بحلول 2030م.

وفي إطار رؤية الحكومة لتنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط، وتعظيم الاستفادة من الموارد غير النفطية واستثمار الموقع الإستراتيجي للسلطنة على طرق الملاحة الدولية، وتهيئة المناخ الملائم للاستثمار، حيث تعد السلطنة بيئة محفزة للاستثمار للأسباب آنفة الذكر وللاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده، وقد ترجمة السلطنة سياساتها الاقتصادية بتخصيص مناطق اقتصادية واعدة وجاذبة للاستثمار كولاية الدقم حيث تطل على بحر العرب والمحيط الهندي الذي يمثل شريان الملاحة الدولية.

وقد صدر المرسوم السلطاني رقم (85/2006) بتقرير صفة المنفعة العامة لمشروع تطوير مدينة الدقم بمُحافظة الوسطى، وتلا ذلك إصدار المرسوم السلطاني رقم (119/2011) بإنشاء هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وإصدار نظامها، ثم المرسوم السلطاني رقم (79/2013) بإصدار نظام المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما جاء المرسوم السلطاني رقم (5/2016) بتقرير صفة المنفعة العامة لمشروع تطوير منطقة رأس مركز بولاية الدقم، وتبلغ مساحة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (2000) كم مربع من إجمالي مساحة ولاية الدقم البالغة (9874) كم مربع، وتغطي المنطقة 20% من إجمالي مساحة ولاية الدقم، ويبلغ طول الواجهة البحرية للمنطقة 90 كم، كما يبلغ عدد السكان الحاليين ما يقارب 12 ألف نسمة.

ولتصبح مدينة الدقم حاضنة للاستثمارات الداخلية والخارجية؛ فقد سعت الحكومة ممثلة بهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بتقديم تسهيلات للمستثمرين حيث تقوم لجنة مناقصات مستقلة بالهيئة ومنفصلة عن مجلس المناقصات بالسلطنة بإجراءات التناقص من مرحلة الطرح إلى مرحلة الإسناد، كما سعت الهيئة ومن خلال المحطة الواحدة لتكون نقطة اتصال واحدة لجميع الخدمات والأعمال الخاصة بالمستثمرين والاحتياجات التنظيمية من حيث تقديم حزم الإعفاءات الضريبية، والتسجيل التجاري، وإصدار موافقات التخطيط والعمران، والموافقات البيئية، وتقديم حق الانتفاع بالأراضي، والتسجيل التجاري، وتقديم تسهيل عملية الحصول على تصاريح عمالية للعمال الأجانب، بالإضافة إلى المزايا والحوافز الاستثمارية الأخرى.

وقد مكنت زيارة المراسلين الصحفيين المشاركين في الملتقى من الاطلاع عن قرب على المشاريع الجاري تنفيذها كمشروع ميناء الدقم والمصفاة ومشروع الحوض الجاف الذي يعد ثاني أكبر مرفق من نوعه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتم افتتاحه في عام 2012 وتديره مؤسسة عُمان للحوض الجاف ويعمل بطاقته الاستيعابية الكاملة حيث بلغ عدد السفن التي تمّت صيانتها منذ افتتاحه 460 سفينة بمختلف الأحجام، كما يعد مشروع مدينة النهضة للسكنات العملية أنموذجاً رائدا لتوفير بيئة عمل مثالية، حيث تزيد تكلفة المشروع عن 195 مليون دولار، وتتسع الى 16000 موظف كمرحلة في مرحلته الأولى حيث تمتاز السكنات بتقديم خدمات سكنية عمالية بمستوى عالمي،  كما أطلع الصحفيون على مشروع سباسك عُمان والذي يقام على أرض مساحتها حوالي 400 ألف متر مربع لإنتاج حامض السيباسك الذي يستخرج من زيت الخَرْوَع والذي يدخل في العديد من الصناعات الكيماوية والبلاستيك والأدوية.

ورغم المستقبل الواعد الذي ينتظر مدينة الدقم، ورغم جهود الحكومة في تقديم التسهيلات وتحفيز المستثمرين وخاصة العُمانيين للاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إلا أن غياب الاستثمار العُماني وعزوف الأيدي العاملة الوطنية عن العمل في المنطقة تشكل تحديات نوعية خلال المرحلة الحالية، مما يستدعي وقفة جادة للبحث عن أسباب العزوف، والبحث عن أسباب نهم المستثمرين العُمانيين للاستثمار خارج السلطنة، ولكي تصبح الدقم بوصلة الاقتصاد العُماني في المستقبل فإنّ ذلك يتطلب شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص العُماني.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

Saif5900@gmail.com