سارة البريكية
قِيل إذا أردت أن تنزع الثقافة عن أحد المجتمعات اجعل فتياتها التافهات مشهورات يؤثرن على عقول الفتيات الصغيرات ويجعلن منهن أسطورة وحب وشغف واهتمام وأيضاً لا تبحث عن المشاهير الذين لن يكونوا لك السند أو الظهر وقت الحاجة، إنما هم أشخاص وجدوا لترفعهم أنت بمشاهداتك، فهم يقتاتون على هذا النوع من المشاهدات وكمية الأرقام الهائلة؛ بل هو لا يهتم بعدد الأيام التي يغيبها عن أهله وبيته مقابل العدد الذي يطمح للحصول عليه وللأسف الشديد أن هذا المرض انتقل سريعاً للأطفال فعندما تسأل أحدهم ماذا تحب أن تكون يقول بكل ثقة أحب أن أكون مشهورا في وسائل التواصل الاجتماعي، ويا ليت قومي يعلمون!
ما نمر به من أيام غريبة يدفعنا لمواكبة التيار رغمًا عنّا، لكن يجب أن يكون ذلك بالصورة الصحيحة، إذ نرى فتيات يخلعن الحجاب ويتفاخرن بذلك وأصبحن واجهة إعلامية مهمة في البلد ورقمًا صعبًا وقدوة لصغيرات العقول، بمبلغ كبير لا يقارن براتب شهري تقتضيه إحدى معلمات الأجيال التي ذهب عمرها في سلك التعليم تُربِّي وتصنع الأجيال القادمة، أو ممرضة لم تنم الليل وسهرت للاعتناء بصحة المرضى وتعبت من نظرة الناس بسبب مواعيد عملها الليلية في المستشفى، أو رائدة أعمال صنعت لها اسمًا قويًا وحضورًا مهيبًا لما تملكه من عقل وفكر وثقافة.
فلماذا أصبحنا نلهث خلف أبواب الشهرة المؤقتة ولم نعد نهتم لتلك الثقافات التي نشأنا عليها وتلك التربية التي كانت سائدة منذ القدم، وأنه لا يصح إلا الصحيح، هل خصلات الشعر الأمامية أصبحت موضة؟ والاندفاع خلف هذه الفئة الضعيفة والبعيدة كل البعد عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ومستوى تفكيرنا العربي الأصيل ورسالة الأنثى السامية وهي تربية الأجيال الصالحة وليس ما يحدث الآن من تناقض عجيب ورسائل غير أخلاقية.
لا بُد لنا من الحد واتخاذ الإجراءات اللازمة وعدم تسليط الأضواء على من لا يستحقون تلك الأضواء وإنما هم أشخاص عرفوا كيفية التعامل مع هذا الوقت العجيب وتداخل المواقف والأزمات العالمية وتصوير مشاهد لا يستطيع الإنسان وصفها وجعل أطفال هذا الجيل أن ينقاد خلفهم ويصبح حلمه أن يكون مشهورا ساذجا عبدا للمشاهدات التي تتصف بأنها غريبة فهذه حرب فكرية وسياسية وثقافية واجتماعية فكم من بيوت أغلقت أبوابها وكم من عوائل تغير مصيرها وكم من أنثى تطلقت وكم من طفل بات بين أم وأب وأسوار المحاكم وكم؟ وكم؟ وكم؟!
إننا وإذ نعيش ثورة رقمية فكرية واقتصادية مهمة وحساسة جدا وحرب كبيرة على المجتمع العربي خاصة وتسليط أعداء من هنا وهنا فليست الدبابات وحدها حرب ولا الصواريخ وحدها حرب، وإنما الأفكار وتعزيزها ورسوخها والثقافات الدخيلة والأفكار الغريبة وعباد الشهرة وكسب المال بطرق مختلفة وبطرق غير واعية وبمشاهد مخلة للأدب والذوق ونظرة المجتمع واختلاف الرأي العام لابد لنا قبل كل شيء أن نربي أنفسنا ثم أطفالنا ثم مجتمعنا على النهج الصحيح والتفكير السليم والموقف المناسب حتى نستطيع أن نخلق بيئة مثالية للمجتمع لا توجد بها أطراف دخيلة وبذور سامة ولابد لنا أن نتعاون يدا بيد للحد من هذه الظواهر السلبية ومراجعة أنفسنا وعدم الانخراط والتمعن والمقارنة بتلك الوجوه التي تدعي الشهرة وأن نشتهر بطريقة تكون محل فخر واعتزاز واحترام وتقدير وبالطرق التي لا تأخذنا إلى درب مسدود.
الشهرة مُغرية لأيِّ إنسان، لكن يجب أن تكون بالطريقة الصحيحة والبحث عنها أصبح هوسًا عامًا للصغير قبل الكبير لا سيما أولئك الذين يعتقدون أنَّ بظهورهم سيكون لهم رفعة وشأن، وهذا أمر ليس بصحيح وفكر غير منطقي.