سارة البريكية
يُثابر الطلاب الذين هم منارة للعلم وشمعة للمستقبل في هذه الأيام الدراسة المكثفة والمذاكرة اليومية والسهر لطلب العلا وينقسم الطلاب إلى عدة فرق؛ فالبعض تجده عاكفا على كتبه وعلى برامج كثيرة للمذاكرة وملخصات علمية مختصرة وعميقة في المنهج، أما البعض الآخر فتجده غير مهتم بين لهو ولعب، ولكنه يخصص وقتا بسيطا للمذاكرة، ويجد نفسه قادرا على الاستيعاب بهذه الطريقة المبسطة.
أما البعض الآخر فهو أصلا في عالم آخر؛ فلا مذاكرة ولا دروس ولا استيعاب تجري به الرياح حيث تريد، الأمر عنده سيان وغير مهتم أو مكترث بسنوات العمر ولا بتعب الأهالي ولا يستطيع أن يعطي نفسه الوقت الكافي للتعلم ومثل هذا الصنف كثير إما أن يعتمد على أساليب الغش وإما أن لا يهمه الأمر البتة نجح أو رسب فعقليته السطحية تقول له لا تهتم.
عند محاورتك للطلاب الذين هم على مشارف إنهاء مرحلة المدرسة تجد أن أغلبهم لا يفقهون شيئا حيث لا توجد أفكار محددة أو طموحات يسعون لها وأغلبهم لا يعرف الكتابة وأغلب كتاباتهم مليئة بالأخطاء الإملائية ونتساءل لماذا هل لأنهم مروا بأزمات كبيرة وتحولات غريبة لم نمر نحن بها فتطور الإنسان على مر الزمان وتطور التكنولوجيا الحديثة له دور كبير وجيل طيور الجنة وكراميش مختلف تمامًا عن جيل الكابتن ماجد وسالي وجودي أبوت في صاحب الظل الطويل وجيل اليوتيوب ومحرك البحث google أيضًا يختلف عن أيام البحث في الكتب والمصادر العلمية المختلفة؛ حيث كنَّا نتعب كثيرا حتى نقوم بعمل بحث ما، ولم يكن هناك أي خيار أمامنا سوى البحث من الكتب القديمة المتاحة في مكتبة المدرسة، ونقوم باستعارتها أسبوعًا أو ثلاثة أيام؛ فنقرأ وتتوسع مداركنا ونكتب ونتعلم أكثر من خلال تحسن كتابتنا الإملائية.
في زمن مضى لم نكن نستطيع الحصول على المعلومات سريعا أو الطلب من شات جي بي تي أن يكتب هنا أو أن يختصر لنا المعلومات والوقت والجهد إذن ليس بإمكاننا لوم هذا الجيل السريع في كل شيء ولكن علينا أن نلوم الطريقة التي نوجّه بها هذا الجيل.
المعلم لا يستطيع أن يتحكم بالكم الهائل من الطلاب ومعرفة كيف استطاع تنفيذ بحثه أو مشروعه لكن كان بإمكانه أن يشترط كيف هي الطريقة الصحيحة ونحن لسنا ضد التطور العلمي والطفرة المعلوماتية التي نشاهدها في كل شيء ولكن استياءنا في أن كل متاح لا يمكن البحث عنه وإذا فقد خسر كل شيء. ولو عدنا بالزمن إلى الوراء لتكشف لنا الكثير والكثير ولتراجعنا في أمور كثيرة؛ لأن الجيل الجديد لا يعتمد عليه من حيث عدم اكتراثه بالبحث العلمي الجاد والتقصي الذي يجب أن يكون في واقع حياتنا؛ بل اعتمادهم الكلي على المعلومات السهلة والسريعة وهذا الأمر مخيف جدا حيث إنه ستقل نسبة العلماء والمخترعين وسيزيد عدد الاتكاليون في كل شيء وليس على مستوى العلم فقط.
أما الذكاء الاصطناعي فهو سلاح ذو حدين، به الكثير والكثير من الإيجابيات بالمقابل سوف يدمر الذكاء الاجتماعي والذكاء الطبيعي ولن يعود الإنسان قادرا على تشغيل عقله وتوسيع حواسه ومداركه وتنمية قدراته الذهنية والعقلية والنفسية والاجتماعية فيبقى حبيس التكنولوجيا أكثر ويغيب الحس الإنساني والجانب العقلاني في حياته لدرجة أنه لن يقتني كتاباً واحداً ولن يعلم ما هي القراءة وسيبقى يخطئ في الإملاء.
إن لم تكن صاحب فكرة ورسالة علمية فلن تستطيع مجابهة الحياة الجديدة قف قليلا وعد خطوة إلى الوراء وانظر بعين ثاقبة ستدرك أن كل هذه الطفرة ليست في صالح الأمم؛ بل هي السبب في دمارها وضياعها.
كل التوفيق لأحبتنا الطلاب في أيام الاختبارات القادمة ونسأل الله لهم مستقبلا مشرقا يعتمد على الفكر والمعرفة والعلم والعمل.
