أفلح بن عبدالله الصقري
نشهد منذ عدة أيام اعتداءات من قبل إسرائيل على بعض المنشآت والمواقع العسكرية والمدنية في جمهورية إيران، مما أدى إلى اغتيال بعض القادة العسكريين الإيرانيين، كما خلفت الكثير من الأضرار على تلك المواقع من انتهاكات صارخة واعتداء على المدنيين وتدمير الممتلكات وتبادل للقصف بشتى أنواع الصواريخ المدمرة بين الطرفين؛ حيث إن استمرار هذه الحرب على المدى الطويل بلا شك إنما هو أمر خطير على المنطقة ككل وللأسف، فإن منطقة الخليج ستدفع؛ بل هي تدفع ثمنا باهظا للتصعيد الراهن وللحرب التي اندلعت منذ أيام، بينما كانت هناك محادثات بين الولايات المتحدة وإيران برعاية سلطنة عمان لإيجاد حل تفاوضي سلمي لقضية الملف النووي الإيراني.
ومن هنا فلا بُد لدول الخليج العربية، باعتبارها معرضة لمخاطر التصعيد مباشرة قبل غيرها، أن تتخذ موقفا واضحا وأن تتدخل لدى الحليف الأمريكي لوقف الحرب تجنبا لتبعاتها المباشرة وغير المباشرة في المدى القصير والمدى البعيد.
ونؤكد أنه ليس من مصلحة دول الخليج أن ترى إيران الجارة الكبيرة تنهار، فمثل هذا الأمر سيؤدي حتما إلى فلتان مدمر للأوضاع في منطقتنا، خصوصًا إذا ما طال أمد الحرب وتعرضت المنشآت النووية للقصف من قبل إسرائيل والتي ستكون عواقبها شديدة على الجميع من تسرب للإشعاعات النووية في الهواء وعلى مياه الخليج العربي لا قدر الله. ولتجنب ذلك فلا بدَّ لدول الخليج أن تعلن موقفا واضحا وصريحا عبر مراكز القرار لوقف فوري لهذا الجنون الذي بدأته إسرائيل، والذي لم تتضح حتى الآن أبعاد تأثيره كاملة على المنطقة.
وكما علمتنا الوقائع الماضية، كانت هناك تبعات كثيرة لاحتلال العراق الغاشم للكويت، وسوف تكون لهذه الحرب أيضا عواقب كثيرة وعميقة الأثر على منطقتنا وربما على العالم، ففي النهاية لن يكون المنتصر منتصرا والمهزوم مهزوما على الدوام.
في ضوء ذلك لا بُد لنا في دول الخليج أن نسعى لإيقاف هذا الصلف الجنوني في استعمال القوة لأننا أول المتضررين منه، ومصلحتنا هي في أن تكون بحيرة الخليج العربي بحيرة سلام للجميع، وأملي أن يتحرك قادتنا بسرعة عبر القنوات التي يعرفونها لوقف هذا الجنون.
ونحن نعلم كيف آلَ الوضع في أفغانستان بعد هزيمة طالبان عام 1991 وما تبع ذلك من تطورات، فإيران تختلف عن أفغانستان وأكبر منها، ومع أن لدينا في دول الخليج نقاط اختلاف كثيرة مع إيران ومع إسرائيل كذلك، فإن ذلك لا يجعلنا ندخل مع طرف ضد الآخر، ولكن لا يمكننا أيضا أن نظل متفرجين أو نتخذ موقفا حيادا سلبيا غير فاعل، بل لا بدَّ أن يكون حيادنا إيجابيا وفاعلا قبل فوات الأوان حتى نصل إلى نتيجة مرضية للطرفين المتحاربين.
عليه ندعو دول الخليج للتحرك وعقد اجتماع طارئ لإيجاد حل حازم والدعوة لوقف أي تصعيد محتمل في المستقبل بين إيران وإسرائيل بالتنسيق مع الحليف الأمريكي والدول الأخرى التي لها علاقة بإيران وإسرائيل.
حفظ الله الجميع من كل سوء ومكروه، وحفظ دولنا وجعلها آمنة مطمئنة سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.