رغم الجراح.. سيعود اليمن سعيدا

أفلح بن عبدالله الصقري

 

يتبادر إلى أذهاننا ونحن نعيش هذه الأيام قبل 10 سنوات وتحديداً في 11 فبراير 2011 والذي خرج فيه الشباب اليمني بثورة عارمة لإحداث تغيير في الأوضاع الحياتية والمعيشية في البلاد ومنادية بإسقاط منظومة حكم الرئيس اليمني آنذاك علي عبدالله صالح والذي رحل بعدها عن المشهد اليمني حيث عين البرلمان اليمني نائبه عبد ربه منصور هادي خلفاً له ولكن لم يرضَ عنه الشعب اليمني ولم يحدث ما أرادته الثورة، حينها أعلن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبطلب من النظام الحاكم في اليمن بعدها إنقاذ اليمن والشعب اليمني مما حلَّ به، وجدد الآلاف من المحتجين مطالبهم بإصلاح الأوضاع التي يعاني منها الشعب اليمني الشقيق وتحولت تلك المطالب إلى فوضى لم يحسب لها الشعب ولا النظام اليمني حساباً، وذهبت إلى أبعاد أخرى، وتدخلت جهات خارجية في الشأن اليمني وأصبحت الأوضاع أصعب مما كانت عليه قبل ذلك، وهي دوران البوصلة نحو خيرات هذا البلد الطيب والغني بخيراته من صنعاء إلى عدن ثم إلى الجنوب وناحية سقطرى وانتهاءً بالمهرة الحدودية مع سلطنة عُمان.

لقد كان للتحالف العربي دوراً كبيراً وتحولاً جذرياً في بسط نفوذه في هذه المناطق والتي سرعان ما عقدت الملف اليمني وأصبحت الأمور على عكس ما تمناه الشعب اليمني والذي كان يحلم بانتهاء المأساة التي حلَّت به منذ اندلاع الثورة أو ما يُسمى بـ"الربيع العربي"، وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي هناك، وبدأت رحلة المُعاناة والشقاء، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم تستقر الأوضاع هناك بالرغم من مناشدة المنظمات الحقوقية وفرق الإغاثات الإنسانية وهيئة الأمم المتحدة في وقف نزيف الحرب بين الفرقاء اليمنيين من جهة والتدخل الخارجي في الشأن اليمني من جهة أخرى.

بينما لعبت بعض الدول دوراً إيجابياً في اليمن مثل سلطنة عُمان فقد تكفلت السلطنة بمُعالجة الجرحى اليمنيين وتسهيل نقلهم من مختلف مناطق اليمن حتى وصولهم إلى أرض السلطنة وعلاجهم على نفقة الحكومة العمانية وتأهيل مركز لتركيب الأطراف الصناعية في محافظة ظفار لمن فقد أطرافه جراء الحرب، وحتى عودتهم إلى وطنهم الأم بعد انتهاء مرحلة العلاج، كما تكفلت السلطنة بإرسال المعونات والمساعدات الغذائية والدوائية إلى الشعب اليمني الشقيق لتجاوز محنته والتخفيف من متاعب الحياة اليومية ونقص الغذاء والدواء نتيجة الإغلاق المفروض وعدم وصول فرق الإغاثة الدولية وكل هذا إن دلَّ فإنما يدل على مكانة اليمن والشعب اليمني في قلوب العمانيين والسلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- والسير على نهجه بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وأدام عزه وحكومته الرشيدة والتي لا تألو جهداً في إغاثة الملهوف والمحتاج ومد يد العون أينما كان ومتى ما طلب ذلك.

أما اليوم ومع تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن ومطالبته بوقف هذه الحرب ووقف تمويلها من قبل الإدارة الأمريكية السابقة والتي لم يخرج منها أي من الأطراف اليمنية بمكاسب على العكس تماماً فقد دُمرت بعض المنشآت والآثار وقُتل الآلاف من المدنيين نتيجة عناد واختلاف الفرقاء هناك.

وقد لعبت سلطنة عُمان في وقت سابق دوراً لحل الخلاف وتقريب وجهات النظر بطلب من الفرقاء اليمنيين وقد استضافت السلطنه ممثلا عن جماعة الحوثيين من جهة وممثلا من حكومة صنعاء من جهة أخرى للجلوس على طاولة الحوار وفتح الملفات العالقة والوصول إلى تسويه بكل هدوء وثقة والمشاركة في صنع القرار والذي يأتي بنتيجة إيجابية يرضى بها الشعب اليمني الشقيق ويساعد على إعادة بناء اليمن والذي كلف الجميع هناك سنوات من الخلاف والشحناء وفقدان الأُسر لمنازلهم وموت الكثير من المدنيين، ولكن لم يتم حل هذا الخلاف بسبب تعنت أحد الأطراف وعدم الاتفاق على مسائل شائكة كانت محل الخلاف، حيث رأينا ما آلت إليه الأمور فتارة نرى صواريخ تدك منطقة وتارة أخرى نرى تفجيرات في مناطق أخرى وكل ذلك كان يُعقّد الأوضاع أكثر فأكثر بالرغم من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحده رقم 2201 بتأريخ15 فبراير 2015 حول جماعة الحوثيين والتي تعزو الأمم المتحدة إليها السبب الرئيسي في الحرب الدائرة في اليمن وتطالبها بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية وحل الخلاف اليمني وتوقف الحرب الأهلية وكان لدول التحالف العربي الدور الأكبر في المشهد اليمني الذي نراه اليوم.

ويأمل المجتمع الدولي والشعب اليمني أن يعود اليمن السعيد إلى الاستقرار وإعادة البناء الذي خلفته الحرب هناك وإن شاء الله سيعود اليمن كما كان وأفضل مما كان بالحوار وإنهاء الخلاف والتفاهم على النقاط محل النزاع بين الفرقاء اليمنيين ومشاركة الجميع في حكومة موحدة وائتلاف يشارك فيه جميع الطوائف والقبائل لما فيه مصلحة اليمن والشعب اليمني الجريح عما قريب بإذن الله.