سياسة الباب الخلفي

أفلح بن عبدالله الصقري

معظمنا سمع بموضوع المواطن العماني الباحث عن عمل في برنامج إذاعي، يبث في واحدة من القنوات الخاصة بالسلطنة، والذي تحدث عن تواصل وزارة العمل والاتصال به هو وبعض زملائه لاختبار مقابلة في إحدى الشركات بالقطاع الخاص؛ حيث تمَّ الاتصال به قبل مدة قصيرة في نفس يوم الاختبار، وعند وصوله إلى مقر الشركة هرب المسؤولون في تلك الشركة، كما يقول.

ويضيف: "وصلتني رسالة للاختبار في نفس يوم الاختبار وبعد الموعد المحدد!! ورغم ذلك ذهبت للشركة لأجري الاختبار، حيث قيل لي انتظر قليلاً، وهذا ما حدث بعدها: ‏"هربوا من الباب الخلفي، وتركونا ننتظر بلا تفسير"، ورأيتهم بعيني جميعهم يهربون من الباب الخلفي هم ومن كانوا يختبرون قبلي، ولم أجد تفسيرا لذلك: هل هو استهتار بالمواطن العماني أم سوء تقدير؟ حتى إنَّهم لم يكلفوا أحدا بمقابلتنا، ولم يتصلوا بنا لتأجيل الاختبار لسبب ما، وقد حاولت فتح الباب لعلِّي أقابل أحدا فيهم، لكن كان الباب مُوصداً، ورجعنا أنا وزميلي ونزلنا من السلم دون فائدة.

وفي نفس اليوم، عُدت إلى الشركة وقابلت موظفة الاستقبال، وأخبرتني بأنها هي من تصرفت هكذا، وقلت لها من المفترض أنا أتقدم لاختبار اليوم، ولكن ما حدث لم يُرضيني، ولا أقبل به، وكان ردها أن الشركة لا يتوافر لديها شاغر، وهي حجة واهية لأن الوزارة هي من اتصلت بي وأخبرتني بالمجيء لإجراء اختبار، فكيف يكون هكذا ردها عليَّ؟! وفي اليوم التالي، راجعت وزارة العمل، ولكن دخلت في متاهة بمجرد وصولي هناك، فكل جهة تقول اذهب للقسم الفلاني، وهكذا حتى وصلت إلى قسم من الأقسام، وقام مشكوراً بالاتصال بالشركة المعنية عدة مرات، لكن دون جدوى، فلا أحد يرد على الهاتف!!

نأتي إلى نقطة هنا ينبغي أن تُوضحها الوزارة: لماذا يتم التعامل مع الباحث عن عمل هكذا؟ أليس هناك تنسيق بين الوزارة والشركات بالقطاع الخاص؟ هذه قضية لا ينبغي السكوت عنها؛ فالمواطن يأتي إلى الوزارة ويقدم جميع مستنداته ومؤهلاته، ويثق بأنَّ الجهة المختصة ستُباشر طلبه؛ لأنها هي الجهة المخولة بالبحث عن وظائف، بما أنها أصدرت إعلانًا للباحثين عن عمل، لكن يتفاجأ هذا الباحث عن عمل بما ذكرنا أعلاه، وقد يحدث أسوأ من ذلك. فإلى من يلجأ هذا المواطن إذا استمرت هذه السياسة وتكرَّر هروب المسؤولين في تلك الجهات من الباب الخلفي؟ فتُصبح الأمور في فوضى وعدم تنظيم، وقد تصل الأمور إلى أبعد من ذلك.

... إنَّنا نُطالب وزارة العمل بأنْ تكون أكثر حَزماً وصرامة وجدية في ضمان حصول الباحثين عن عمل على حقهم في التوظيف، ومحاسبة المقصرين في الشركات الخاصة، ومراقبة عملية المقابلات الشخصية، ومعاينة المواقع التي يُستدعى لها الباحثون عن عمل، وعدم تكرار مثل هذه الأحداث التي تضعهم في مواقف محرجة وتؤثر على نفسياتهم؛ فالمواطن أحق بالتوظيف.

ولتجنُّب تكرار ذلك، يجب العمل على آلية معينة وتنسيق بين كافة الجهات المعنية بالتوظيف للوصول إلى الهدف المنشود، وطمأنة الباحثين عن عمل بأنَّ الحكومة تعمل جاهدة في حق التوظيف للكل دون استثناء، كما نطالب الشركة بالاعتذار لهذا الشخص واستدعاءه مرة أخرى لعمل الاختبار المطلوب منه أو البحث له عن شركة أخرى تقدِّر جهودَ ووقت الباحث عن العمل؛ فالبعض منهم يأتي من محافظات أخرى بعيدة عن سكنه، ويقطع مسافات طويلة؛ حيث يخرج من منزله مُتوكِّلاً على الله، آملاً أنْ يتم اختباره بنجاح، ويُقبل في وظيفة تناسب مُؤهلاته وخبراته، ويطمئن بها، ويبدأ حياته المهنية والعملية.