أُمَّاه

 

 

شعر/ الشيخ هلال بن سالم السيابيّ

* * *

في رثاء والدتي (شريفة بنت خلف الخروصية)

المتوفاة يوم 26 ذو القعدة 1446 هجرية، الموافق 24 مايو 2025م

* * *

ما بعدَ خطبِك من خطبٍ أحاذره

أمٌاه يوما، ولا صبر أصابره

* * *

كل الشدائد قد قامت قيامتها

فمن لقلبيَ يا ويحي يناصره!

* * *

تالله، ما بعد هذا الخطب من جلل

فقد تعالى ودوٌى اليوم هادره

* * *

وكيف يخشى الليالي من به اضطربت

ومن به  علنا دارت دوائره

* * *

قد أقسمت لا ترينا غير داجية

فلامس الأولَ المسودٌ آخره

* * *

قد زلزلت كبدي حتى كأن بها

جمراً من الجرح لا تخفى مجامره

* * *

يستغربون، أهذا حال ذي جلد

ومادروا أنها الجُلٌى تبادره

* * *

أوحت "شريفة" باليمنى مودعة

إلى الخلود، فخان الطرف هامره

* * *

فالقلب من كمدٍ تنقدٌ منعتُه

وساكن القلب تغريه بشائره

* * *

سبحان ربيَ من غادٍ لجنته

وبالحشا استعرت حزنا سواعره

* * *

وثغر مبتسم في وجه زائره

فقد أتاه من الفردوس زائره!

* * *

مضت إلى الله ترعاها شمائلها

كرائما، كالحيا يَنهلٌ ماطره

* * *

سبعُ وتسعون قضتها مطهرة

أندى من الغيم، خير الغيم طاهره

* * *

تسامرُ الشهبُ منها خيرَ سامرةٍ

على الكتاب إذا ما عزٌ سامره

* * *

ويرتئي الذكر منها  أي تالية

عند التهجد إن يغفله ذاكره

* * *

قلب تعمد بالتقوى وحققها

خلائقاً وصفاتٍ، جلٌ فاطره

* * *

ونفس يقظانةٍ لم  يغشُ جوهرَها

إلا التيقظ مما قد تحاذره

* * *

تأتي النساء إلى ديوانها زمرا

فينجلي بهداها من يبادره

* * *

ويلمس النصح منها كل ذي خطرٍ

فيعرف الصدق إلا من يغايره

* * *

قد صاحبت والدي في كل معترك

كالسيف تكشف عنه ما يداوره

* * *

يأوي إلى رأيها في كل ذي خطر

من الشؤون فيلقى ما يناصره

* * *

ورافقت ركبه في كل مرحلة

كأنها رمحه الواري وباتره

* * *

واليوم تلحق منه سيدا بطلا

كانها الجيش قد شدت عساكره

* * *

أبي تعود إليك اليوم في جذل

بفرحة الخلد اذ فاحت عواطره

* * *

قد عز منها جناب، واعتلى نَفَس

وجل غابره الماضي وحاضره

* * *

تؤم منك كريما صاحبته على

هدي الطريق، وما ضلت بصائره

* * *

ورافقته على اللأواء صابرة

وإن غلا الدهر أو شدت أعاصره

* * *

وكيف لا يألف الإغماد ذو شطب

وهل يفارق جفن الطرف باصره!

* * *

تالله تلك الثلاثون الشداد مضت

كأنها سحب مما تكابره

* * *

شوقا إليك، وتهياما بجنتها

حتى من الخلد نادتها مقاصره

* * *

أماه خطبك قد أدمى الفؤاد أسى

وطار  بالنازف المكلوم طائره

* * *

فمن لقلبي أن يرثيك سيدتي

وقد تمزق في الأضلاع ثائره

* * *

أواجه القوم في صبر وفي جلد

والقلب أوله ذاوٍ  وآخره

* * *

إذا خلوت إلى نفسي تجيش أسى

كأنما انغرست فيها بواتره

* * *

ووجه ذي جلد، يا ويح موقفه

بين النقيضين قد جلت مشاعره!

* * *

أماه قد عزَّ بعد اليوم مرتفقي

وعزَّني من جميل الصبر نادره

* * *

هذي الضحى لا تراها العين من كمد

والليل ما عاد تغريني زواهره

* * *

قد كنت شمس حياتي في توهجها

وكنت بدري متى اشتدت دياجره

* * *

آوي إليك، فلا أدري أحاورني

صوت من الخلد، أم أني أحاوره

* * *

عليك مني سلام الله، ما طلعت

شمس الضحى وسما بالأفق سافره

* * *

والله يرحم نفسا منك قد كملت

حتى الختام، وخير الختم عاطره!

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة