ماذا بعد خريف ظفار؟!

 

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

بعد ما شهدته محافظة ظفار من حراك وانتعاش اقتصادي وسياحي شمل كافة القطاعات خلال موسم "خريف ظفار"، وبعد ما لمسه جميع زوار الخريف هذا العام من تنوع في الخدمات والفعاليات، وتوفير فرص عمل للباحثين عن عمل ورواد الأعمال من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، واستفاد الصغير والشاب والكبير من هذا الموسم، وكانت فرص العمل والحراك متاحة للجميع والكل يعمل، سواء سيارات الأجرة والمقاهي والمطاعم وأصحاب... إلخ، وإتاحة الفرص للأسر المنتجة ورواد الأعمال والشباب من داخل المحافظة وخارجها من توظيف مشاريعهم للاستفادة من الموسم على مدار اليوم من الصباح الباكر وحتى منتصف الليل ومنهم على مدار 24 ساعة، والشكر موصول للجهود المبذولة من الشباب أنفسهم ومن تكاتف الجهود بمكتب محافظ ظفار وبلدية ظفار وغرفة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات الأخرى الداعمة لهذا النشاط والحراك بالمحافظة لإنجاح الموسم واستحداث فرص الأعمال وكسب من انتهزها واغتنمها ليعيش تجربة مثرية واضعًا بصمته في هذا الحدث لينفع نفسه وليكون عضوًا فاعلًا في إنجاح هذا الموسم .

وبما إننا نرفع شعار "السياحة تثري"، ومن ثم ترفد البلد بالوظائف، وتُنعش الحراك الاقتصادي، فالسؤال الذي يراودني ونطرحه على طاولة كل مسؤول في محافظات السلطنة (وخصوصًا الشمالية منها)، ونحن على أبواب الموسم الشتوي المرتقب: "ماذا بعد خريف ظفار؟!".

بعد أن ينتهي الموسم السياحي الأكثر شهرة في سلطنة عُمان، حيث تجذب محافظة ظفار آلاف الزوار بسبب مناخها المعتدل وأجوائها الخلابة، والحراك التسويقي المبذول، لكن بعد انتهاء هذا الموسم، لابد من تواصل نفس الانتعاش والحراك والخطط من المسؤولين بمختلف محافظات السلطنة بشمال سلطنة عمان " مسقط، مسندم، جنوب وشمال الباطنة، البريمي، الظاهرة، شمال وجنوب الباطنة، الوسطى"، لإنعاش السياحة في الشمال من خلال عدة استراتيجيات عمل تتناسب مع طبيعة كل محافظة وما تمتاز به من مقومات لابد وأن نعمل على تطوير السياحة الشتوية من خلال الترويج للأنشطة الشتوية بشكل أكبر مثل تسلق الجبال، التخييم، ركوب الدراجات الجبلية، والتجول في الأودية، مثل وادي شاب ووادي بني خالد، والعمل على تنظيم مهرجانات شتوية كما جرت العادة يمكن إقامة مهرجانات ثقافية أو موسيقية في مناطق مثل مسقط أو نزوى لجذب السياح في فترة الشتاء، ونشيط السياحة الثقافية من خلال تعزيز التوعية بالمعالم التاريخية مثل قلعة نزوى، قلعة بهلاء، وحصن جبرين، إضافة إلى الأسواق التقليدية مثل سوق مطرح ونزوى وغيرها، والعمل على تنظيم فعاليات ثقافية مثل مهرجانات الفنون التقليدية أو الحرف اليدوية المحلية التي تعكس التراث العماني، وتنويع الفعاليات السياحية من خلال تنظيم سباقات القوارب التقليدية أو الأنشطة البحرية في المدن الساحلية مثل مسقط وصحار، وكذلك الترويج للسياحة الريفية من خلال برامج الإقامة في القرى الجبلية مثل الجبل الأخضر وجبل شمس وغيرها.

بشكل عام.. يجب العمل على خطط مشابهة لتلك التي نجدها قد نجحت في خريف ظفار بحيث يستفيد من الموسم الصغير والكبير، الباحث عن عمل ورائد العمل، الذكور والإناث والأسر المنتجة، من خلال تكثيف العمل من مكاتب المحافظين لإنعاش المحافظة بما يخدم صالح الجميع عبر تسويق الوجهات السياحية، وإطلاق حملات تسويقية تستهدف السياح من داخل وخارج البلاد، مع التركيز على المزايا الفريدة لكل منطقة في فصل الشتاء، يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التلفزيون، والصحف والمؤثرين والإعلانات الرقمية لإبراز الأنشطة التي يمكن والاستمتاع بالطقس المعتدل، ولابد أن يتم النظر ليصاحب هذا الحراك أيضًا بتطوير البنية الأساسية عبر توفير وسائل نقل مريحة ومنتظمة تربط بين مختلف المحافظات بعضها البعض وبأسعار رمزية في متناول الجميع بالوجهات السياحية، مما يسهل على السياح والمواطنين الوصول إلى هذه الأماكن، إلى جانب تطوير المرافق السياحية وإنشاء وتحديث المرافق السياحية مثل الفنادق، المطاعم، ومناطق الترفيه لتلبية احتياجات السياح.

كذلك لا بُد من تكاتف الجهود بتقديم الدعم والتعاون بين القطاعين العام والقطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار من خلال تقديم حوافز للمستثمرين المحليين والدوليين للاستثمار في تطوير القطاع السياحي في هذه المناطق، وتطوير الشراكات والتعاون مع وكالات السفر والفنادق لتنظيم حزم سياحية متكاملة تشمل الإقامة، الجولات، والأنشطة، وتنظيم جولات ثقافية تعرّف السياح على التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة من خلال زيارة الحصون والقلاع والمتاحف، وأبرز الوجهات الآن "متحف عمان عبر الزمان"، ودعم الحرفيين المحليين وتسويق منتجاتهم كجزء من تجربة السياح، مثل بيع الحرف اليدوية والأطعمة التقليدية.

وعلى الصعيد الدولي، مما لا يختلف عليه اثنان، أن السوق الصيني سوق واعد في مجال السياحة، ولا ريب أن تقديم سلطنة عُمان بعض التسهيلات والحوافز للاستثمار والسياحة بين البلدين واستقطابهم سيكون خطوة استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياحية بين البلدين، وأولها التسهيلات المالية، وذلك من خلال تشجيع البنوك العمانية على تقديم تسهيلات مالية للمستثمرين الصينين وتوسيع الشراكات مع البنوك الصينية، وأيضا تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات للسياح والمستثمرين كتقديم تأشيرات دخول متعددة أو تأشيرات عند الوصول، وبعض الحوافز الضريبية خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى تطوير مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة وما شابهها.

هذه رؤية صادقة سعيتُ من خلالها إلى طرح أفكار نأمل أن تكون بنّاءة ويتلقفها أصحاب الشأن والاختصاص، لتنفيذها في أقرب وقت، علّها تخدم وطننا العزيز وتدعم شبابنا وتوفر فرص العمل للجميع.

الأكثر قراءة