"العبارات الوطنية".. ومسارات الولايات الساحلية

 

عمير العشيت **

alashity4849@gmail.com

 

تمثل الشركة الوطنية للعبارات، أحد أهم المساهمين في النقل البحري اللوجستي في السلطنة، وهي من الشركات الرائدة في المجموعة العمانية العالمية للوجستيات "أسياد"، وتعتبر الناقل البحري الرسمي للمسافرين بين محافظات السلطنة، وتأسست عام 2008، ومن أهم أهدافها المعلنة على موقعها الرسمي في الإنترنت السعي لدعم الربط بين مناطق وموانئ السلطنة وتسهيل حركة النقل البحري بين المواطنين والسياح ونقل البضائع على مدى الشريط الساحلي.

وتذكر الشركة في صفحتها الرئيسية أن أسطولها- المكون حاليًا من 8 عبارات- يقوم بتغطية 6 وجهات. كما عبرت عن سياستها في تشجيع ثقافة استخدام النقل البحري والسعي إلى ربط أرضي متكامل وأيضا تشغيل الباحثين عن عمل، وأن تكون لدى الشركة بنية تحتية فعالة، وتقليل الازدحام في المدن، وأن تقدم وصلات ربط إلى المدن الرئيسية القريبة.

والشركة لديها عدة مسارات بحرية شمال السلطنة ترسو من خلالها العبارات في موانئ دبا وخصب وليما ومصيرة وشنة وشناص، وفق الجداول الزمنية لمساراتها الى المناطق المسجلة، وكنت قد حظيت برحلتين بحريتين في هذه العبارات، الأولى كانت الى جزيرة مصيرة بدأت من مرفأ شنة عبر سفينة تسمى "البوم" قبل تشغيل المسار البحري للعبارات، ومن المصادفة ان رحلتي كان هدفها تمهيد ميداني لكتابة مقال حول وجود عبارات للمسار البحري لمصيرة.

أما رحلتي الأخرى فكانت لمحافظة مسندم، وكانت من أروع الرحلات البحرية التي عشتها؛ حيث استمعت بجمال الطبيعة الخلابَة، ومشاهدة الدلافين وهي تتراقص مع الأمواج بحركات بهلوانية، وطيور النورس تحلق من فوقنا وكأنها سحب متحركة، والخلجان المتدفقة من البحر مخترقة بطون الجبال مشكلة منظرا بديعا تذهل الألباب، والأروع من هذا وذاك ان تجد الطاقم المشغل والقائم بخدمة هذه العبارات كلهم مواطنون لا تفارقهم الابتسامة من وجوههم. 

لكن في المقابل، نلاحظ ان محافظتي ظفار والوسطى لم تحظيا بخدمات النقل البحري من الشركة الوطنية للعبارات حتى الآن لنقل المسافرين، مع أنهم في أمس الحاجة إلى هذه الخدمة نظرا لتواجد العديد من الولايات الواقعة على الشريط الساحلي، وبما أن أحد أهداف الشركة هو  السعي إلى ربط أرضي متكامل في السلطنة، فلماذا لا تسعى الشركة إلى توسيع أسطولها البحري ليمتد الى الجنوب؟ بدءًا من الدقم وصولا إلى حاسك وصلالة ثم ريسوت ورخيوت؛ حيث تعاني هذه المناطق من شح المواصلات، كما إنها بعيدة عن مؤسسات الخدمات الرئيسية للحكومة وتحتاج الى ساعات طويلة للوصول اليها. وتبرز معانتها اثناء الأنواء المناخية، وفي الطرق الملاصقة للجبال التي تشكل خطورة حقيقية على مستخدمي الطريق، نتيجة تساقط بعض الصخور على جانبيها والانعطافات المتعرجة،ـ واحيانا يتفاجأ الناس بمرور الحيوانات السائبة، وأيضا عدم وجود مسارات برية منتظمة للحافلات التابعة لشركة مواصلات وسيارات للأجرة، وعليه توجد صعوبة في الحصول على سيارات النقل أو الانتظار لأكثر من أسبوع حتي الحصول على وسيلة نقل وبأسعار مرتفعة. ولقد شاهدت هذه الوقائع اثناء زيارتي لنيابة حاسك قبل أسبوعين، وهكذا الحال في الولايات الساحلية الواقعة غرب ولاية صلالة كضلكوت ورخيوت. وكنت أتمنى من المسؤولين متابعة مثل هذه الأمور وإيجاد حلول لها خدمة للصالح العام، ونيابة حاسك تبعد عن ولاية صلالة بنحو 200 كيلومتر تقريبا وتستغرق مدة الرحلة أكثر من أربع ساعات.

وكذلك توجد مشكلة إنسانية خطيرة للمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالفشل الكلوي وأمراض القلب والشرايين، وارتفاع درجة الحرارة عند نقلهم من نيابة حاسك الى المستشفى المرجعي في صلالة؛ حيث إنَّ مركبات الإسعاف التابعة المستشفى محدودة وكذلك الطائرة العمودية لا تستطيع استيعاب الأعداد المتكررة لهذه الحالات، فيضطر المواطنون لنقل مرضاهم بسياراتهم الخاصة متحملين خطورة الوضع.

وختامًا.. نناشد الجهات المسؤولة في الشركة الوطنية للعبارات، ضرورة فتح مسارات بحرية في الجنوب، وسيكون هذا التوجه ذا طابع وطني وإنساني واقتصادي وسياحي، وسيحفز ثقافة استخدام النقل البحري لدى المُواطنين والمقيمين، وسيفتح باب الاستثمار أيضًا.

** كاتب وباحث

تعليق عبر الفيس بوك