مصفاة الدقم.. وما بعدها

 

 

خلفان الطوقي

 

احتفلت عُمان وشقيقتها دولة الكويت بافتتاح مصفاة الدقم الأحدث في منطقة الخليج والشرق الأوسط، والتي تعتبر إلى الآن أكبر استثمار مباشر خليجي مشترك في قطاع النفط والغاز باستثمار رأس مال يصل إلى 9 مليارات دولار أمريكي.

هذا الاستثمار المشترك بين البلدين يمثل قصة نجاح عُمانية وكويتية، وقصة نجاح خليجية، وعوائدها عديدة على البلدين، وأهم هذه العوائد ما يلي: تعظيم العوائد المالية من النفط، فبدلاً من تصديره كمنتج خام، يمكن تصنيع عدة منتجات مثل الديزل ووقود الطائرات والكبريت وغيرها، أضف إلى ذلك تبادل المعرفة والخبرات العملية التراكمية ببن مهندسي وفنيي وإداري البلدين، والتوظيف المباشر وغير المباشر، ومنح عقود للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسويق منطقة الدقم كوجهة استثمارية ذات بنى أساسية عصرية متكاملة في موقع استراتيجي والواقع في بحر مفتوح آمن، بعيدًا عن مضيق هرمز ذي الخصوصية الاستراتيجية، كما إن الدقم هي الأقرب من الأسواق الآسيوية والأفريقية ذات التعدد السكاني المتنامي، وبها عناصر مكملة للمصفاة كشركة صهاريج التخزين للنفط الاستراتيجي، وبالقرب من ميناء الدقم والحوض الجاف، وهذه جميعها عناصر جوهرية لنجاح المصفاة بعد اكتمال مجمع البتروكيماويات بمراحله اللاحقة.

ورغم قصة النجاح هذه، لكن تبقى تطلعاتنا في عُمان والخليج أعظم من ذلك، وأهم هذه التطلعات تكرار التجارب الخليجة الناجحة في الدقم؛ إذ إن منطقة الدقم تُعد من أكبر المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة في الشرق الأوسط، وتستوعب آلاف المشاريع العملاقة، وعليه، يتعين على الفريق الحكومي المعني بالاستثمار أن يستفيد من هذه النواة التي يمكن أن نبني عليها ونوظفها كأداة تسويقية وما تحظى به من سمعة، ويقنع المستثمرين الآخرين بالقدوم إلى الدقم، من خلال توفير حزمة تنافسية مغرية ومقنعة، والاستفادة من الزخم الإعلامي الحالي والاستفادة من أدوار جهاز الاستثمار العُماني وعلاقاته المتينة بالصناديق السيادية الخليجية والإقليمية والعالمية، ومنح أولوية أولى ودعم مالي إضافي للراغبين في الاستثمار في الدقم من بنك التنمية أو صندوق عُمان المستقبل، وتشجيع الصناديق الاستثمارية بالاستثمار في الدقم بعد تقديم الحزم التحفيزية التنافسية لها، وتوسعة هذه الحزم التحفيزية لتكون في صور مُنوّعة كأسعار الخدمات الأساسية ودراسات الجدوى والاستشارات بعد التشغيل، ومضاعفة الجهد في استقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية.

يجب أن تعكف كل الجهات ذات الصلة على تقييم التجربة ومعرفة كافة عناصر نجاح هذه التحربة، والعمل على تكرارها مع دولة الكويت ومؤسساتها الاستثمارية، ومع باقي دول الخليج العربي، ولن تتكرر قصص النجاح هذه إلّا بمضاعفة الجهد النوعي المُقنِع والمُربِح لكافة أطراف العلاقة.