مهرجان صحار.. ريادة وتألق

 

د. خالد بن علي الخوالدي

يُبهرنا المنظمون لمهرجان صحار بفكرهم المُتقد والمتماشي مع كل التطورات والأحداث، فخلال شهور عديدة وهم يعملون ليلا ونهارا لتنظيم المهرجان السنوي ليكون الحدث الأهم والأبرز في مُحافظة شمال الباطنة، المحافظة التي تزخر بالعديد من الطاقات الشبابية المبدعة والمبتكرة إلى جانب تميزها بالأجواء الرائعة خلال فترة الشتاء، خلال شهور حدثت أحداث جعلتهم يغيرون خططهم أكثر من مرة، فكروا بأن يجعلوا مهرجان صحار غير رغم استمرار الأحداث في حبيبتنا فلسطين ومعشوقتنا غزة.

كان العمل يمضي على وتيرة بأن مهرجان صحار سيُقام ولكنه سيكون غير العام الماضي، عملوا على ذلك وصنعوا الإبهار مرة أخرى، فالمبهر والمتميز في دورة مهرجان صحار هذا العام هو تناسقه وتناغمه مع الموقف المشرف لحكومة سلطان عُمان وشعبها والموقف الديني من القضية الفلسطينية وما يحدث في غزة العزة والمفخرة، ويحسب لإدارة المهرجان إلغاء كل الحفلات الغنائية والسهرات الفنية تضامنًا مع القضية الفلسطينية، وتخصيصها فقرات مخصصة لدعم القضية والتعريف بها وترسيخ مبادئها لدى الناشئة، إلى جانب تخصيص مبالغ مالية من تذاكر دخول المهرجان ومن دخل المهرجان بشكل عام لدعم الإخوة في غزة، بالتنسيق مع الهيئة العمانية للأعمال الخيرية.

شكرًا إدارة المهرجان لما أظهرتموه من تفكير خارج الصندوق؛ حيث كان الجميع ينتظر هذا المهرجان الفاعل والحيوي والمؤثر تجاريا واقتصاديا لكل فئات المجتمع بداية من الأسر المنتجة والمؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة والصغرى، وصولًا إلى تنشيط الحركة التجارية في الأسواق والفنادق والشقق الفندقية والاستراحات والمخيمات الشتوية، فخلال المهرجان السابق كان الإشغال في كل ما سبق بنسبة 100% ونظرا للإقبال الكبير قام عدد من أهالي صحار مشكورين باستضافة ضيوف المدينة في منازلهم واستراحاتهم الخاصة، وهذا دليل واضح على أهمية مثل هذه المهرجانات.

من يملك الإرادة لا تتعبه الفكرة، ولأن الإرادة الصادقة موجودة قامت إدارة المهرجان بتنفيذ الخطة البديلة والبعيدة عن الحفلات الغنائية والسهرات الفنية، فتم التركيز على المسابقات الإبداعية والثقافية والأدبية وعلى مسرح الطفل وعلى الألعاب التي يحبها الأطفال، كما تم التركيز على إظهار ما تتميز به محافظة شمال الباطنة خاصة ومحافظات سلطنة عمان عامة من تراث وتاريخ وبيئات بدوية وساحلية وزراعية وصحراوية؛ حيث شاركت في هذا المهرجان أغلب محافظات سلطنة عمان من خلال تخصيص ركن لهذه المحافظات، وجمعت هذه البيئات في مكان واحد وفي بوتقة واحدة ليتعرف عليها شباب هذا الجيل الذي لم يخبرها ولم يعرفها من قبل، وجيل الأطفال أو الجيل التكنولوجي الذين لم يعرفوها أصلاً ولم يعرفوا عن أمجاد أجدادهم وتاريخهم.

مهرجان صحار مختلف، وما أُنجز هذا العام عكس الكثير من الإبداع والإبهار والتميز، فمن زار المهرجان العام الماضي ويزور المهرجان هذا العام، سيرى الفارق الشاسع في أرض المهرجان، بوابات إبداعية وأشكال فنية وهندسية وقبة تعرض بها لوحات من مقدرات هذا الوطن الجميل وغيرها الكثير والكثير، وهذه دعوة لزيارة المهرجان والاستمتاع بكل تفاصيله.

ودُمتم ودَامت عُمان بخيرٍ.