الطوفان وسفينة المقاومة

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

حين نقول ونصف يوم السابع من أكتوبر 2023 بأنه يوم مفصلي في الصراع العربي الصهيوني، وأنه يوم شبيه بيوم السادس من أكتوبر عام 1973 مع بعض الاختلافات الطفيفة؛ فالواقع يقول بذلك والدليل الوقائع التالية:

  • لأول مرة يتعرض الكيان الصهيوني لهجوم عسكري واستخباري واسع من قبل فصائل مقاومة ومن داخل جغرافية فلسطين المحتلة، فقد جرت العادة أن يخوض الكيان حروبه خارج جغرافية فلسطين؛ سواء مع جيوش نظامية أو حتى فصيل مقاوم مثل حزب الله في لبنان عام 2006 والتي كان فيها حزب الله في موقف الدفاع ولم يكن البادي بالهجوم.
  • كانت طبيعة المواجهات الأربع السابقة بين الفصائل الفلسطينية بغزة وكيان العدو، هجوم من طرف العدو ودفاع من طرف الفصائل.
  • غرفة العمليات المشتركة لكافة فصائل المقاومة بغزة منذ عام 2012 جعلت الكيان يتيقن بأن غزة لم تعد حماس، وحماس لم تعد غزة، وكما كان الحال في التوصيف السابق.
  • "طوفان الأقصى" كان هجومًا واسعًا ومتعدد الأهداف، ومُخطَّطا له بعناية فائقة؛ الأمر الذي جعل فصائل المقاومة تحقق النصر قبل منذ بدء الحرب والمواجهة مع العدو، وما يقوم به العدو اليوم من دمار وقتل ممنهج ليس سوى ردود أفعال يعلم مسبقًا أنها لا تساوي حجم خسارته الفادحة، ولن تبلغ مساعيه التدميرية حجم الانتصار المدوي الذي حققته فصائل المقاومة.
  • حرب أكتوبر 1973، جسدت التضامن العربي والمعركة المصيرية الواحدة للعرب، و"طوفان الأقصى" أعاد مشاعر العرب ورمم وعيهم وأعاد بوصلتهم نحو العدو الحقيقي للأمة.
  • "طوفان الأقصى" لم يحطم نظرية العدو "الخوف مقابل الكثرة" فحسب؛ بل حطّم العقل الصهيو-أمريكي والمفتتنين به بعملية اقتحام غلاف غزة والاستيلاء على الكنز الاستخباراتي للعدو، هذا الكنز الذي يوازي وحده الانتصار المدوي للمقاومة، لو لم تحقق غيره في هذا الطوفان المبارك.
  • الكنز الاستخباري أنفق عليه الأمريكان والصهاينة مليار دولار لتحصينه وضمان تفوقه المطلق، وزُوِّدَ بأحدث التقنيات وآخر ما تفتقت عنه عقول التقنية والذكاء الاصطناعي؛ بل ووصل بهم الأمر الى تزويده بتقنية التسيير الذاتي لنفسه دون الحاجة إلى أي تدخل بشري، في الاستشعار والحماية والدفاع التلقائي... إلخ، ولكنهم تيقنوا بعد الطوفان أن فوق كل ذي علم عليم.
  • "طوفان الأقصى" ليس مواجهة عسكرية بين جيشين؛ بل مواجهة بين بُغاة وأصحاب حق، وجيش محتل غاصب وفصائل  أصحاب حق وأرض، وبين سلاح غاشم وإرادة صلبة.
  • "طوفان الأقصى" زلزل كل مخططات وأحلام الكيان الصهيوني ورعاته والمفتونين به، من تطبيع وحل الدولتين وطريق الهند الاقتصادي عبر غزة وطريق الغاز من غزة بعد تهجير أهلها، وقناة بن جوريون عبر غزة، وحلم تل أبيب عاصمة التقنية في الشرق الأوسط، وحلم التفرد الاقتصادي عبر اتفاقيات تطبيع مع العرب وفتح أسواقهم للمنتجات الصهيونية.
  • "طوفان الأقصى" أيقظ العرب والعالم إلى حقيقة الكيان كمشروع متقدم للصهيونية العالمية، لهذا التف العالم حول غزة كمنقذ لهم من شرورها لجعل العالم نظيفًا من الصهيونية بعد عقود من الهيمنة والتبعية لها بالقوى الناعمة والخشنة.
  • "طوفان الأقصى" أفرز الحق والباطل، والممكن والمستحيل، وصراع السلاح والإرادة.

قبل اللقاء.. "طوفان الأقصى" برهن على أن المقاومة هي سفينة النجاة للأمة، ومن لم يركب سفينة المقاومة ويباركها اليوم، فسيجرفه الطوفان، ولن يعصمه الأمريكي ولا الصهيوني.

وبالشكر تدوم النعم.