ماذا لو؟!

 

عائض الأحمد

 

ماذا لو عاد كلا منَّا إلى موقعه الحقيقي الذي يجيده ويجيد العمل به لماذا لا نعود إلى ما نجيد ألسنا ننشد الإبداع ونتحدث عنه دائما لماذا نحن نخوض في كل شيء السياسي يتكلم عن الرياضة بمهارة وفكر (جوارديولا) بلا منازع.

ولمن لا يعرفه فإنَّ جوارديولا من أشهر مدربي كره القدم في العالم. والرياضي لن تفوته الفرصة متحدثا وكأنه أحد وزراء الخارجية المتمرسين في العمل السياسي.

الطبيب يفتي في الهندسة، والمهندس ينتقد عمل الخباز، والنجار لا يعجبه أحد، وكل هؤلاء هناك من يحلل ويحرم عليهم كما يراه مناسبا له.

هل يتجاوز كل هؤلاء حدودهم أم يعتقدون بأن لديهم القدرة على ممارسة كل هذا وإصدار الأحكام ووضع الخطط أم أن ما يدعوهم لذلك هي تلك الفوضى التي نعيشها في حياتنا الخاصة وتعاطينا مع الأشياء وهذا الضخ الإعلامي الهائل الذي أصبح من أهم- بل هو الأول- في تحديد توجهاتنا علمًا بأن البعض يدخلك في صراع مع الواقع فهو يقول لك في الصباح كن متفائلاً وابدأ يومك مبتسما وبنهاية يومك المبتسم يدخلك في دهاليز الحروب والمؤامرات ثم تختم مساءك بذلك التقرير الذي يحث على عدم النوم مبكرا مخالفا كل ما كنَّا نظن بصحته فله فوائد للمفكرين والكتاب وكأنه سيأتي بعد كل هذه المشاهدات والأخبار والنزاعات.

رحم الله أيامنا الخوالي كنَّا نستمع إلى إذاعة واحدة ونشاهد قناة تلفزيون بثها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ونعيش بهدوء ننصت كثيرا لأصحاب الرأي ونقدر حديثهم بل ونأخذ به ونستشهد بأقوالهم وبأثرها الكبير على المجتمع.

كنت في بلدتي الصغيرة انتظر الصحف اليومية لأقرأ لأصحاب الرأي علماً بأن أغلبها يأتي بعد يوم من نزولها ولكن حباً للقراءة والمتعة في متابعة البعض من خلال هذه الوسائل كانت تعني لنا الكثير.

كانت حياتنا بكل ما فيها من صعوبات أسهل وأمتع والآن بكل ما فيها من تسهيلات أصعب وأكثر بؤساً ومشقة.

ندرك أن الماضي لم يكن صفحة بيضاء أو وردية ولن نكون في موضع مقارنة فكل زمن له رجاله وأدواته ومفكروه وقادته ولكن من حق أمثالي استذكار تلك الأيام والترحم عليها بكل ما فيها.

كنا نسمع كثيراً ونتحدث قليلاً ونقول لمن يستحق قل ما لديك وكفى.

ختامًا.. فسحة الأمل لن تعيد الحياة لأحد، ولن تطفو بك فوق الأمواج إن قررت الغرق.

*****

ومضة:

عندما تسمع، لك الحق أن تقول كل ما لديك، واعلم أنَّه حكم مسبق للاستشهاد به لقطع كل حديث لك بعده.

يقول الأحمد:

الواقع أجمل بكثير من أحلام اليقظة الباهتة.