السفر ليس في ذاته.. جنَّة!

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

لا يختلف اثنان على أنَّ الإنسان ما رغب عن وطنه وركب أمواج السفر ولأوائه، إلا لعلمه الجازم بأنَّه يرغب في الهروب من ضيق الدنيا هنا إلى سعة الدنيا هناك، ومن التخفف من كثرة الأشغال والمواعيد والارتباطات، إلى راحة البال وسكينة الروح وتجديد النشاط وأخذ الدروس والعبر من إطالة النظر وإدامة الفكر.

ولن يكون السفر في ذاته جنَّة إذا كان من حول المسافر ليس لهم همٌّ إلا التنكيد وتقطيب الجبين والتذمر وعدم الصبر عند أول نازلة، وفرض الرأي بلا مشورة، والأنانية البغيضة ومحاسبة الأصحاب في أخطائهم البشرية، وقد قيل: "الرفيق قبل الطريق"، ولأن السفر يُسْفر عن أخلاق وطباع صاحبه أرجو أنْ يُسفر عن أخلاق عالية وطباع مُرضيّة، وعن تواضع وصبر جميل، وحب وصدق وإخلاص... إلى غيرها من آداب وجدناها فيكم قبل هذا السفر، وعسى أن تجدوا بعضها عند كاتب هذه الكلمات!

مع ملاحظة أنَّ الأخطاء واردة وسوء الفهم حاصل، لكن النفوس العظيمة التي تمتازون بها والرغبة في حصول الراحة بهاتين وغيرهما ستتجاوزون كل ذلك بيسر وسهولة، وموضوع تقديم الدروس، وإثبات صحة نظرية أحد ضد أحد في السفر من عمل النفس الأمّارة بالسوء، فاتركوها ودعونا نستمتع بأيام رحلتنا فيما فيه رضا ربنا وخير دنيانا.

وأختم بأنّ صلاتنا وما أدراك ما الصلاة! يكون لها الأولوية في الوقت ولا نقدّم عليها أي برنامج ويكون مكانها المسجد مهما أُوتينا من طاقة وقدرة، ولا تكون حُجتنا في تأخيرها أننا مسافرون؛ حتى لا يفجع أحدنا الموت في سفره وهو في غمرة سعادته وفرحته، وحينها لا ساعة ندم!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

المرسل: حُميديات