خيار بسمة

سالم بن نجيم محمد البادي

خيار بسمة بنت مبارك الكيومية وحدها أن تلبس الحجاب أو لا تفعل، نحن مع الحجاب ومع التمسُّك بتعاليم الدين الحنيف، ومسايرة عادات وتقاليد المجتمع، وقيمه وموروثه الحضاري، والاعتراض هنا على الأسلوب المتبع، والضجة المثارة حول حجاب بسمة وترشحها لعضوية مجلس الشورى.

كلُّ هذا الضجيج والصخب، والسب والشتم، والقذف والاتهام بالعمالة لجهات خارجية، تُهَم تفتقرُ للدليل القاطع، ولو ثَبُت أنَّ بسمة تحارب القيم والأخلاق، وتقدح في الدين وتدعو للسفور والفجور -لا سمح الله- فإنَّ الأمر يعود إلى المؤسسات والقانون وجهات الاختصاص، ولا يُترك هذا الأمر للشائعات والقيل والقال.

فُضَّ اجتماع بسمة الانتخابي بأسلوب أقرب إلى الهمجية والوحشية، أضرَّ بنا، وأفرَح المتربصين بنا، الذين نقول لهم "ما دخلكم أنتم، ومالكم ومالنا"، هذا شأن داخلي يخصنا وحدنا، إنَّ من قام بهذا هم فئة قليلة تأثرت بموجة التحريض على بسمة.. هل نخشى على بسمة الاعتداء أيًّا كان نوعه؟ ومن يتحمَّل المسؤولية لو حدث ذلك؟

نحن مجتمع المحبة والسلام والتسامح.. إنَّ الأذى لم يقتصر على بسمة وحدها، بل وصل إلى من يعتقد أنه يؤيدها أحدهم يكتب مقالا وهو ليس عمانيًّا يعف اللسان عن الرد عليه، وللأسف هو مُتداول في مجموعات الواتساب هنا.

كُنت قد غرَّدت في تويتر، وانهالت عليَّ الردود التي تلُومني على ما اعتبروه انحيازا لبسمة، كانوا يخشون على الدين، وأن تفتن الفتيات بها، ويتَّخذنها قدوة، وأن هذا كان رأي طائفة من النساء أيضا، واللاتي تفاعلن مع تغريدتي.

حتى تساءلت إنْ كان التديُّن عندنا هشًّا لدرجة الخوف عليه من امراة غير محجبة تروم الوصول لعضوية مجلس الشورى، وإذا كُنَّا نتحدث عن الدين، فإنه يحرِّم الغيبة والنميمة والافتراء وتشويه السمعة، وإهالة الاتهامات بغير دليل، ويعاقب على القذف، ويحترم خصوصيات الإنسان، ويجعل تطبيق القانون حكرا على السلطات المنوط بها تطبيق القانون.

ولستُ هنا بصَدَد الدفاع عن بسمة، فلا أعتقد أنها بحاجة لذلك، وهي الحقوقية المحنكة، والمحامية القديرة، والكاتبة المتمكنة، والمتحدثة اللبقة، بقدر ما أدعو لحرية الإنسان المنضبطة التي لا تلحق الضرر بالآخرين وحرية المواطن في أن يترشَّح، وحرية الناخب في أن يختار من يشاء دون قمع من أحد، حتى وإن كان هذا القمع معنويا.

إنَّه خيار بسمة، وما ندري لعلها تعود إلى الحجاب يوما ما، ولعل قلبها أنقى مما نظُن.. لذا؛ على منتقدي بسمة أن يدعوا الله أن يهديها للطريق المستقيم، وإنْ كانوا يعتقدون أنها ضالة فعليهم أن يتَّبعوا أسلوب الموعظة الحسنة، والقول اللين، والنصح الرقيق، عِوَضًا عن الإرهاب الفكري ومحاولة الإقصاء.

ولتتوقف هذه المهاترات، لدينا قضايا تمس معيشة المواطن وأحلامه ومستقبله، نحتاج إلى التطوير والتغيير نحو الأفضل.. إننا لا نعيش في مدينة أفلاطون الفاضلة، والتغني بالماضي التليد لا يكفي وحده مع اعتزازنا وافتخارنا بتاريخنا المجيد.

دخول أمثال بسمة بنت مبارك الكيومية لمجلس الشورى قد يُمثل أملًا لقطاع واسع من أفراد المجتمع، للخروج من جمود مجلس الشورى، وعدم فعالية بعض أعضائه، واختصاصاته المحدودة.. الناس يريدون أفعالا لا خُطبا رنانة في مجلس الشورى في الغالب لا تُثمر شيئا، وقد لا يدرك بعضهم ما معنى تشريع، ولا يرون أثرا للرقابة.