سنظل شعوبا تنبض حبًا

مدرين المكتومية

قبل أسابيع قليلة تلقيتُ دعوة كريمة لحضور الملتقى الإعلامي العربي السادس عشر في دولة الكويت الشقيقة، وسعدت كثيراً بذلك لأنَّ السلطنة كانت ضيف شرف الملتقى، ولأنَّ هذا الملتقى ومع تنظيم دورته السادسة عشرة نجح في أن يُرسخ أقدامه كأحد أبرز الملتقيات الإعلامية العربية بل والعالمية، بما يعكس الجهد الكبير المبذول من قبل القائمين على شؤون الملتقى، إضافة إلى الاهتمام الرسمي من قبل مؤسسات الدولة في الكويت. ولن أبالغ إذا قلت إني لم أشارك في محفل خارج السلطنة ووجدت الإجراءات سهلة وميسرة كما حدث معي في هذه المرة مع الملتقى الإعلامي العربي، فبدءا من إجراءات التسجيل وحتى عودتي إلى أرض الوطن الحبيب، لم تواجهني أية عقبات، ولقد كان للدعم والتسهيلات التي قدمها سعادة الدكتور سليمان الحربي سفير دولة الكويت المعتمد لدى السلطنة، الدور المؤثر والكبير في إنجاز مُهمتي الصحفية على أكمل وجه.

ومنذ اللحظة التي حطت فيها أقدامنا أرض مطار الكويت الدولي ونحن نلمس الاهتمام البالغ وحفاوة الاستقبال من أبناء هذا البلد العزيز على قلوبنا في عُمان، والذين حرصوا دائماً على تقديم مختلف الخدمات والتسهيلات معبرين بذلك عن اهتمام كبير بالعمانيين وضمان توفير الراحة والتيسير لكل أفراد الوفد العماني الإعلامي، وفي مُقدمتهم الصحفي القدير والإعلامي المتمكن ماضي الخميس وفريق عمله. ليس هذا فقط، فكلما صادفنا أحدهم لا نجد منه إلا الترحيب المباشر الذي ينم عن احترام أخوي متبادل وعلاقات وطيدة، فمن الوهلة الأولى التي وصلنا فيها لفندق الحمراء، استقبلنا بحفاوة بالغة الأخ جاسم الأنصاري، ببساطة شديدة وطيب خلق، ورغم أنه ليس من اللجنة المنظمة للملتقى إلا أنه أبدى اهتمامًا وحرصًا على توفير كل ما نحتاج إليه، وكان دائم التواصل معنا، ويُبدي استعداده لنقلنا إلى أي موقع نريده، لقد كان الأنصاري تجسيدا للشخصية الكويتية التي يُعرف عنها الحب والعطاء والاحترام وتقدير الآخر.

ولم يكن مستغرباً هذا التعامل من أشقائنا الكويتيين تجاهنا نحن العمانيين، فعندما تريد الشعوب أن تتآلف وتتحد لن تجد ما يمنعها، أضف إلى ذلك حرص قيادتي البلدين على الارتقاء المتواصل بمستوى العلاقات في إطار الخليج الواحد، إنها وحدة الأرض ووحدة المصير ووحدة اللغة ووحدة الدين ووحدة العادات والتقاليد. إنَّ الحب الذي يسكن القلوب الكبيرة يقع كحبات البرد على أصحابها، فيؤثر عليهم ويُعزز بداخلهم المكانة التي لا تتغير، رغم الظروف المحيطة والمتغيرات التي تعيشها شعوب المنطقة. وعندما أتحدث عن القيادات فإنني بالطبع لا يُمكن أن أقدم أكثر مما ذكره الآخرون قبلي وكتبت عنه أقلام كبار الكتاب في الصحف والمجلات والكتب، كل ما يمكنني قوله إننا سنظل شعوباً تنبض حباً تجاه بعضها البعض، وستدوم هذه المحبة.

وبالعودة للملتقى الإعلامي العربي فقد كانت المشاركة العمانية حاضرة كونها ضيف الشرف وقد تشرفنا بأن نكون الضيف الذي يسجل حضوره بتأثير واهتمام واضحين، كنا نشارك في الجلسات وفعاليات الملتقى وكأننا في عمان، لم نشعر للحظة أننا ضيوف، لكن كان الشعور الذي يخالجنا في تلك اللحظات هو أننا نشارك باسم الوطن العماني الحبيب. تبادلنا مع الحضور مشاعر الأخوة والصداقة، أسسنا لعلاقات أوسع مع زملاء المهنة في كل المجتمعات العربية، ساهم الملتقى في أن يكون جسر تواصل بين المشاركين.

عندما قررت كتابة هذه المقالة كنت أفكر في التركيز على ما تمَّ طرحه خلال الملتقى ولكنني دون أدنى تفكير وجدتني أكتب وبكل حب عن كل من قدموا لنا يد العون، فضلت التركيز على الجانب الإنساني، فكل الأشقاء الذين حاولوا جاهدين منذ لحظة التسجيل للمشاركة كفريق من جريدة الرؤية، ونحن لا نجد سوى الاهتمام والمثابرة في إنهاء كافة الإجراءات والاحتياجات الخاصة بنا، على الرغم من ضيق الوقت وبعض التعقيدات التي قد تواجه أي مسافر مثل حجز التذاكر أو الإقامة في الفندق، أو غيرها من الإجراءات التي تتطلب وقتاً وجهدًا.

لكننا ولله الحمد استطعنا بفضل الشعور العالي بالمسؤولية التي تحلى بها فريق التنظيم أن نصل في الوقت المناسب ونسجل تواجدنا كفريق يُمثل مؤسسة عمانية ناجحة تعمل منذ سنوات على طرح الأفكار وتنظيم المنتديات والمؤتمرات واستضافة خبراء ومتخصصين من خارج السلطنة.

لا شك أنَّ حضور مثل هذه الملتقيات والمشاركة فيها يمثل وسيلة فاعلة لإيصال مفهوم العلاقات الإنسانية بكل ما تحمله من ود وتسامح وإخاء، ورغبة في خلق فرص ورسم ملامح صورة عربية ناصعة البياض أمام العالم أجمع، وأنه مهما بلغ الأمر من خلافات لن تتغير دواخلنا وفطرتنا وإنسانيتنا التي لا ترضى أن ترى الآخر يتعثر دون تحريك ساكن.. لذلك كان هذا الملتقى المكان الذي جمع القلوب فيما بينها وكانت أهم ثمراته تواجدنا في بلد السلام ولإيصال مفهوم واحد وهو أن همومنا واحدة وقضايانا مشتركة.. فشكرا للكويت قيادة وشعباً، وشكرا لكل من ساهم ولو بالقليل ليُحقق الكثير للآخرين.