آفاق "أهل الدار"!

 

 

يوسف عوض العازمي

 

"العدالة المتطرفة هي ظلم متطرف".. تيرفس.

قصة مُلفتة رواها لي أحد الأصدقاء، عن قصته مع إحدى المطبوعات التي كان يكتب بها، إذ قال إنه لما قرأها أول مرة أحب الكتابة بها كونه من أهل الجهة التي تصدرها، والمطبوعة تخص الجهة نفسها، أي أنَّه من أهل الدار، وقادته الصدف الطيبة إلى أحد القائمين على المطبوعة الذي زوده بتوجيهات أو تعليمات بشأن الكتابة بالمطبوعة، وتفهم تلك التوجيهات، وهي تختص بعدم الكتابة عن أمور خارج اختصاص المطبوعة المتخصصة، ويقول: أظنني التزمت بها، وكان أي مقال أرسله ينشر، ولم تعكر صفو الأجواء شائبة !

بعدها تولى صفحة المقالات أحد الإخوة يكن له الاحترام والتقدير، وبعد توليه الإدارة أو القيام بأمور الصفحة أصبح ما يُرسله يتأخر في النشر، ورغم تعامله الطيب إلا أنَّ وضع مقالاته لم يكن طيباً معه، بطبيعة الحال هو مالك الصلاحية بالنشر أو عدمه، ويبدو أن مقالاته لم تكن مناسبة للنشر بحسب وجهة نظره (حسبما يظن!).

ثم تولى الصفحة أستاذ آخر ويكن له أيضاً كل احترام وتقدير، ومعه استمر التعب، وإن كان بشكل أصعب، مرة يقول إنَّ ما يكتبه غير مناسب، ولا يصلح للنشر، ومرة أخرى يقول إنه دخل حسابه في إحدى وسائل التواصل، ووجد أنَّ المقالات هناك أفضل بكثير مما يرسل لمطبوعة الدار، ووضح له بأنّ النشر بمطبوعته يختلف عما يكتبه خارجها، وأنه ملتزم بتوجيهات أو تعليمات معينة، لكنه حفظه الله لم يقتنع، ولم يوافق على نشر ما يكتب، وبالطبع قدر رأيه كونه من يملك الصلاحية بالنشر من عدمه.

يستمر الصديق بالكلام  إذ يقول إنه بعد ذلك وجد أن لا مكان له في مطبوعته المفضلة، وبأن ما يكتب ليس له مكان للنشر، وتوقف عن إرسال أي مقال، واتجه لوسيلة إعلامية مشابهة في الاختصاص، ووجد الترحيب والدعم، وإلى الآن مازال يكتب بها.

سألته لماذا لا تذهب لإدارة المطبوعة وتتبين الأمر، قد يكون هناك فهم خاطئ، لكنه أصر على أنه واجه تعسفاً غير مبرر، بل ووجه نداء ونصيحة للقائمين على صفحات المطبوعة، حيث توضع صفحة واحدة لكتابات أهل الدار وصفحتين للشعر الشعبي، في تصرف لا يعلم كيف تمت الموافقة عليه، ممكن صفحة واحدة للشعر تكفي، لكن صفحتين غير مناسبة، يفترض صفحتين لمقالات أهل الدار وصفحة واحدة للشعر ..

أهل الدار حين يرسل أحدهم مقالاً يستحب التعامل معه بطريقة لائقة، لا أن تستخدم سلطة الصلاحيات بوجهه، ويفترض أن يكون من يقوم بإدارة صفحة أهل الدار ذا صدر رحب في التعامل مع مقالاتهم، ثم يسترسل الصديق بأنه لو كان الأمر بيده لجدد الإدارة بالكامل في بالمطبوعة، حيث تحتاج إلى عمل كبير، وإعادة ترتيب للصفحات وحتى شكل الجريدة العام.

تنتهي قصة الصديق الذي فهم أنّ هناك من يهوى وضع العصي في الدواليب، والعراقيل بالطريق، وهذه طبيعة البشر، تحوى كل الطباع، ويؤكد أنه يهمه كأحد أهل الدار أن تكون صحيفتهم معبرة عنهم، لأنهم هم الأهم، وأن تتجدد باستمرار.

الكتابة شيء من المتعة، والكاتب يحتاج تقديرا معنويا، على الأقل إيضاح الأخطاء إن وجدت، وتقويم مستواه، بطريقة تساعد على تطوره، والمطبوعة- أي مطبوعة- أساسها هم كتابها والقائمون عليها، ونحن في عصر ثورة الاتصالات والتكنولوجيا، لا أحد يستطيع منع أحد، ضغطة زر وينتشر المكتوب في أصقاع المعمورة، لذا فالتعسف حيلة الضعيف المستقوي بصلاحيات قد لا تستمر معه، وقد يبتلى هو الآخر بمتعسف غيره، هناك صحف صنعت كتاباً وصحفيين، والعكس صحيح، الإنصاف واجب وغاية للوصول إلى الغاية المثلى.

تعليق عبر الفيس بوك