تأثر "مدريد" برحيل "رونالدو" .. أم لا ؟

 

حسين الغافري

فترة عصيبة تمرّ بها الكتيبة البيضاء ريال مدريد الإسباني هذه الأيام، جعلت منها نزيف نقاط ودخول بمرحلة شك ونتائج تسير من سيء لأسوأ. إخفاقات متتالية محلياً وأوروبياً وظهور غير معتاد من الملكي لم نعتد عليه في مبارياته خلال الفترة المنصرمة مع الفرنسي زيدان خصوصاً في شقه الهجومي. فمن كان يتوقع أن يكمل ريال مدريد أربع مباريات كاملة دون أن يسجل أي هدف. أربعة مباريات. أي أكثر من ٣٦٠ دقيقة لعب متواصلة دون أن يحقق الفريق هدفاً يتيماً في مرمى منافسيه! هذه لم تحدث في القرن الحادي والعشرين لريال مدريد بتاتاً، فأين يكمن الخلل؟

أولاً وقبل كل شيء لابد لنا أن نُسلّم بأن الفريق لم يحدث ذلك التغيير الكبير في صفوفه من ناحية الأسماء سوى في المدربين الذي جاء لوبتيغي عوضاً عن زيدان والحِمل الثقيل الذي يعقب مدرب مستجد على الفريق بمدرب سابق قاد المجموعة لإنجازات تاريخية وبطولات أوروبية خلال فترة قصيرة جداً لابد أن ينتج عنه ضغوطات ومقارنات مستمرة بين الأول والثاني. هذه الأمور كلها لا أظنها قد تعني شيئاً إذا ما شاهدنا الفريق وأداءه في مستهل الدوري والعمل الكبير الذي يقوم به لوبتيغي. إذاً فالرجل يملك أفكارا يمكن وصفها بأنّها ممتازة والفريق تحت إدارته يقدم كرة قدم جميلة وأي مدرب جديد على اللاعبين مؤكد بأنّه يحتاج من الوقت ما يكفي حتى تتواءم أفكاره مع الإمكانيات الفنية التي بحوزته. أمر آخر لا يمكننا أن نتجاوزه فلوبتيغي داعم كبير للشباب ومانح الفرص للصف الثاني ويصقل المواهب بشكل لا يمكن إغفاله. ايسكو معه أصبح لاعبا آخر وآسينسو كذلك بات يصنع الفارق والحِمل عليهما واضح في تغيير مسار المباراة وتقلباتها. إذاً فالمدرب ليس مصدر النتائج السلبية في الوقت الحاضر. أقول في الوقت الحاضر بناءً على الفترة القصيرة التي أمضاها والظروف التي يعيشها الفريق بصفة عامة.

الظروف التي تمرّ على القلعة الملكية من إصابات لاعبين وعدم وجود الخيارات البديلة جزء هام من هذه النتائج السلبية. فمثلاً من بإمكانه تعويض كارفخال الظهير الأيمن في الفريق وواحد من ركائز الانطلاقات الهجومية والضمانات الدفاعية؟ صعب جداً أن يعوضه ناتشو مثلاً ولو اجتهد في إمكانياته ولكنها قدرات تختلف من نجم لآخر. ايسكو هو الآخر بات ركيزة جوهرية في المجموعة والفريق يعتمد عليه اعتمادا كبيرا في صناعة الفرص وخلق الإضافات. الغيابات ساهمت بشكل وبآخر وعدم وجود البديل الذي يمكن الاعتماد عليه من أهم الأسباب التي يعيشها الفريق. أيضاً لا ننسى بأنّ هؤلاء لاعبين محترفين وانخفاض مستوياتهم بعد نتائج كبيرة حققوها في ثلاث مواسم ماضية غير مستبعد. مرحلة التشبع من العطاء واستمرار الفريق في أعلى مستوياته صعب جداً. وهو أهم تحدٍ لابد أن يستوعبه لوبتيغي مع مدريد. الفريق الذي قدِم إليه حقق دوري الأبطال الأوروبي ثلاث مرات مع زيدان في فترة قياسية وتاريخية. الفريق بحاجة إلى ما يشبه الصدمة لكي تنهض به بنفس الطموح والرغبة.

كل ما ذكرناه يبدو لي نصف المشكلة من وجهة نظري المتواضعة، ورحيل نجم مدريد الأول البرتغالي رونالدو هو النصف الآخر. فمن كان يقول بأنّ رحيل نجم كرونالدو لا يبدو سيؤثر في توليفة المجموعة أظنه غيّر رأيه الآن. الريال يعاني هجومياً بشكل واضح والمهاجمين الذين يملكهم حالياً أقل مستوى من رونالدو من جميع النواحي. الفريق متأثر برحيل نجمه الذي كان دائماً ما يحضر في المواعيد الصعبة. الآن ما حدث فهو للنسيان ومسألة استقطاب مهاجم درجة ممتازة بات أمرا ضروريا. ولعلّ خيارات مثل البولندي ليفاندوفسكي والإنجليزي هاري كين ستخفف الشيء الكثير في مسألة العقم الهجومي الذي حضر بتواجد الفرنسي بنزيما غير الموفق، وموهبة ماريانو دياز الذي يحتاج الوقت من أجل أن يبرز. أنا على يقين تام بأنّ مع الوقت سيتحسن مستوى الفريق وفي يناير ننتظر نجما هجوميا يحلّ ويخفف المشاكل، ولمَ لا؟ فالبحث عن مواهب ونجوم تضمن تواجد صف ثانٍ تنافسي يخلق القلق للنجوم الأساسية. عندها ممكن أن نرى "ملكي" بشكل آخر.